استعادة المبادرة!
توقد الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية اليوم (الأول من أيار) شعلة أولئك الذين ناضلوا من العمال والكادحين في سبيل العدالة والمساواة، وهي التي أوقدت بدماء شهدائها على مدار السنوات الماضية شعلة الانتصار السوري الذي آمنت به كحقيقة مطلقة، وتعاملت معه كنتيجة حتمية لاستمرار إرادة الحياة، والاستبسال في الدفاع عن الوطن، والحفاظ على مقوماته، والحرص على بقاء وتواصل العملية الإنتاجية في المعامل والمؤسسات، بالرغم من ضخامة التحديات والصعوبات التي لم تستطع ثني السواعد السمراء عن متابعة عملها الإنتاجي، أو إسكات ضجيج الآلات، وهدير إنتاجها الذي يقوي ويدعم مرتكزات الصمود الوطني، ويصنع المستقبل السوري بكل ما يمثّله ويجسّده من آمال وتطلعات كل السوريين الشرفاء.
ولا شك في أن ما جرى ويجري في بلدنا صقل التجربة النضالية لحركتنا العمالية والنقابية، وزادها حضوراً في جبهات العمل والمقاومة، ولا يمكن إلا أن نقدر عالياً ذلك الصمود الأسطوري، والدور الاستثنائي لعمال بلدنا الذين، على الرغم من الهجمة الشرسة، والأساليب القذرة والوحشية التي استخدمت للنيل من صمودهم عبر استهدافهم المباشر، وتدمير وتخريب منشآتهم، وسرقة آلاتهم، لم تنثن عزيمتهم، أو تحبط معنوياتهم وإصرارهم على تخطي هذه المرحلة الصعبة والخطيرة، بل عملوا على شحذ الهمم، وتعزيز الوحدة العمالية والنقابية من خلال ممارسة دورهم، والمشاركة الفاعلة في كل ما يخدم المصلحة الوطنية.
لقد أثبت عمال سورية قدرتهم على استعادة المبادرة، والنهوض، بالرغم من شراسة الهجمات وتكرارها على مدى العقود الماضية، عندما قرروا حمل مسؤولية الدفاع عن بلدهم، والنهوض به مجدداً، وبناء المستقبل، فالطبقة العاملة التي تعيش في هذه الآونة مخاض الولادة الجديدة بكل مستجداتها ومتغيراتها النقابية القائمة على قواعد فكرية وعقائدية نقابية ثابتة، لن تحيد عن مسارها الوطني المسيّج بالسيادة واستقلالية القرار السوري، والمحصّن والحاضن للمصلحة الوطنية باعتبارها هدفاً أساسياً للنقابات العمالية التي كرّست معاني التضحية، وحب الوطن في أدبيات عملها وأخلاقياتها، وجسّدتها في يومياتها النضالية خلال سنوات تاريخها الوطني المشرّف المكتوب بدماء شهداء الطبقة العاملة، وقطرات عرق السواعد السمراء التي ستعيد إعمار بلدنا، وكل عام وعمال سورية بألف خير.
بشير فرزان