قمة بوتين وجونغ أون.. أين ترامب؟
ترجمة: لمى عجاج
عن مجلة فانتي فير 25/4/2019
اجتمع أكبر خصمين لترامب في قمةٍ مشتركةٍ كان غائباً عنها، ليناقشا القضايا التي تهمّ مصلحة البلدين، قمةٌ جمعت كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون في مدينة فلاديفوستوك الساحلية الواقعة في أقصى الشرق الروسي.
كانت القمّة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في حدّ ذاتها بمثابة رسالةٍ واضحةٍ إلى واشنطن مفادها أنه إذا لم يحلّ اللغز النووي في المنطقة فهناك جهات فاعلة أخرى يمكنها التحرك للقيام بذلك، وهذا ما عبّر عنه توم بلانت من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث في لندن، حيث صرّح في حديث مع شبكة “ان بي سي نيوز” أن هناك عدة أسباب لهذه الزيارة، أولها إظهار الولايات المتحدة الأمريكية على أنها ليست اللاعب الأساسي في المنطقة، وهذا ما بدا واضحاً من القلق الذي أظهرته الولايات المتحدة الأمريكية وهي تراقب عن كثب ما سيصدر عن هذه القمة، حيث تعهد الزعيمان بتعزيز العلاقات بين الطرفين، فرئيس كوريا الديمقراطية وجد لقاءه مع الرئيس الروسي مختلفاً تماماً عن لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووجهة النظر الروسية في التعامل مع الوضع في شبه الجزيرة الكورية مختلفة عن وجهة النظر الأمريكية، وعلى ما يبدو أن حديثه مع بوتين قد أراح صدره وجعله يتنفّس الصعداء بعد أن وصلت المفاوضات بين بيونغ يانغ وواشنطن إلى طريقٍ مسدود.
باختصار يحاول كيم أن يذكّر صديقه ترامب بأن بيونغ يانغ لديها شركاء آخرون محتملون، وأنه في حال لم يعطه الضمانات الأمنية التي يريدها فإن أحداً غيره سيفعل. ففي العام الماضي عندما التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس كيم ادّعى ترامب بحديثٍ لا يخلو من الغرابة بأنه “وقع في حب” الزعيم الكوري الديمقراطي، وأصبح مولعاً بالتفاخر بعلاقته “الممتازة” بالرئيس كيم، لكن من الواضح أن هذه العلاقة الرائعة قد تعرّضت لانتكاسة جعلت ترامب يعود إلى سابق عهده ليسخر من الرئيس كيم ويصفه “بالقصير والسمين”، وليعلن ترامب انسحابه المفاجئ من القمة الثانية التي جمعته مع كيم من دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن الخطوات الأولى نحو نزع السلاح النووي الذي زعم ترامب بأنه أمر أكيد.
ألقت كوريا الديمقراطية باللوم على الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرتها مسؤولة عن هذا الفشل، مشيرةً إلى أن إدارة ترامب تطلب الكثير، وأن ترامب أساء في اختيار الفريق المصاحب له إلى طاولة المفاوضات في رحلته لإبرام اتفاقية هانوي، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مما أدى إلى فشل هذه المفاوضات وعرّضها للخطر عندما أفسح المجال للرئيس كيم بطلب الدعم من جهة أخرى.
لقد دخلت روسيا، أحد شركاء بيونغ يانغ القلائل، الساحة الدولية، فروسيا أيضاً ارتأت ضرورة الحدّ من القوة النووية للرئيس كيم، ولكنها وبمساعدة الصين، وهي حليف آخر لكوريا الديمقراطية، استخدمت لهجةً تناغمت مع ما يريد الرئيس كيم سماعه وكانت أكثر إيجابية، على عكس الضمانات الأمريكية التي لم تكن كافية لإقناع كيم بالتخلي عن برنامجه النووي “على الفور” حسب الأوامر الأمريكية التي أصدرها ترامب.
تطلع الرئيس كيم في قمته مع الرئيس بوتين إلى الحصول على الدعم الروسي للتخفيف من العقوبات التي قد تضرّ باقتصاد كوريا الديمقراطية، ولكنه في الوقت نفسه أراد تعزيز موقفه التفاوضي أمام ترامب، لأن علاقة الصداقة الوحيدة التي تجمع بين ترامب وكيم هي العلاقة التي تمكّنه من الحصول على صفقة مرضية ليس أكثر، وعلى ما يبدو أنه وبوتين يدركان أن غرور ترامب هو الوسيلة الوحيدة للحصول على ما يريدانه، سواء كانت في الشرعية على الساحة الدولية أو في التخفيف من العقوبات، فغرور ترامب أعماه عن رؤية الطريقة التي يستفيد فيها خصومه من نقاط ضعفه.