أجواء رمضان.. عمل خيري لمساعدة الفقراء.. ولقاءات عائلية عامرة بالمحبة
لمدة شهر كامل، نظام حياة بأكمله يختلف في مدينة دمشق، ويتغير ما ألفه ساكنوها في الأيام العادية، ورغم ظروف الحرب، والمعاناة المستمرة نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، لاتزال تلك المدينة العريقة تحافظ على أجوائها الرمضانية، والطقوس الخاصة التي نلاحظها في الشهر المبارك، حيث تحاول معظم الأسر جاهدة، عبر ما أعدته من عدة لهذا الشهر، إضفاء لمسة مختلفة ومميزة على موائد الإفطار والسحور كل يوم، فيكون الحساء، والعصائر المختلفة كالعرق سوس، والتمر هندي، والجلاب، وكذلك خبز رمضان، وتحضر الطبخات المختلفة كالكبة، والمحاشي، وغيرها من الطبخات الخاصة عند الدمشقيين مع سلطات الخضار المتنوعة، وتتواجد كذلك الحلويات المشهورة كالبرازق، والعجوة، والغريبة، والعوامة، والقطايف، وغيرها من الحلويات أثناء الشهر الفضيل.
هدوء وضجة
رغم حركة الشوارع الهادئة، وقلة الازدحام صباحاً، تعود الشوارع للحياة والصخب قبل الإفطار بساعات وبعده، يتحدث أبو عمار الذي قابلناه في أحد الأسواق كيف يكون الازدحام على أشده في تلك الأوقات، وكيف يجد صعوبة بالغة في تأمين حاجاته من الخضار من أحد أسواق دمشق في كل مرة يتأخر فيها لقبيل موعد الإفطار، فالازدحام يكون غير معقول، ويضيف: من المستغرب أيضاً كيف يتحول هذا الشهر لدينا من شهر للرحمة والمودة إلى شهر للاستغلال، ورفع الأسعار والغلاء، فنلاحظ أن الأسعار ترتفع رغم الإقبال والشراء من قبل المواطنين الذين يحاولون الحفاظ على عاداتهم وموائدهم في هذا الشهر، وعن مائدة رمضان لدى أسرته يقول الرجل إنها سفرة بسيطة ومتواضعة، ولا كثير من التغيير يطرأ فيها عن الأيام العادية، فالعبرة من الصيام هي الصبر والتحمّل، والشعور بإحساس الفقراء، لذلك فالموائد يجب أن تكون متواضعة، وفي كل الأحوال فالظروف الاقتصادية اليوم متشابهة عند معظم الأسر والعائلات، والجميع يشكو صعوبة تأمين متطلبات هذا الشهر، ولكن في المقابل هناك عائلات كثيرة أيضاً تشكو الفقر الشديد، وهو ما يجب أن نشعر به، ونعمل على تقديم المساعدة كلاً كما يستطيع، ومن التقاليد السورية المعروفة في شهر رمضان توزيع الطعام على الفقراء، والموائد الرمضانية التي لم تعد كما كانت في السابق.
طقوس مختلفة
وإذا كانت الموائد وتنوعها من الطقوس الثابتة في هذا الشهر، فإن عادات أخرى قد أصبحت ملازمة أيضاً للأيام الرمضانية، حيث تتحدث أسر كثيرة عن كون هذا الشهر مناسبة لتجتمع فيه العائلة، وتزداد صلات الرحم، وتتحدث عائلات أخرى عن خططها لمتابعة البرامج والمسلسلات الدرامية خاصة، والمشاركة في برامج المسابقات، إذ اعتادت وفاء، وهي ربة منزل، في كل موسم رمضاني على المشاركة، ومحاولة الاتصال ببرامج المسابقات و”الحزازير” الرمضانية التي تقدم في فترة الإفطار، لكن للأسف يبدو أن معظم هذه البرامج هي وسيلة للربح والاستغلال، فعلى مدى سنوات طويلة كانت تلك السيدة تتصل دون أن تربح أو يحالفها الحظ، ودائماً تخسر قيمة الاتصال أو الاشتراك في تلك المسابقات، في المقابل طرأت بعض التغييرات على طقوس أخرى، فلم يعد صوت المسحراتي يسمع في كافة المناطق، وربما تكون أسباب هذا التغيير هو قصر فترة الليل، والتوقيت الصيفي لحلول هذا الشهر، وبالتالي اعتماد معظم الأسر على وصل فترة الإفطار بالسحور، وعدم الحاجة لمسحراتي لإيقاظهم.
محمد محمود