سكن وإسكان
أطلقت سنوات الدمار العنان لنمط مختلف من التعاطي الديناميكي مع الخطط والبرامج، تقوم على بعد النظر الذي يجب أن يستفيد من أخطاء الماضي، ويبني على التجارب الموفقة في الأداء التي تتجلى في أكثرها بآثار وثمار التنمية المستدامة التي ترتبط وثيقاً بمختلف ميادين تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية للقطاعات وللمواطن معاً.
وإذا كان التخطيط الإقليمي العنوان الأهم لعملية إعادة الإعمار والتنمية المستدامة – وفق الإدراك الرسمي والأكاديمي والمجتمعي – للارتقاء بآلية العمل إلى أفضل المستويات، فإن الأهم وفق الرواية الحكومية أن تكون البرامج الزمنية لتنفيذ الاستراتيجيات مدروسة ومحددة بدقة كبيرة شرط توفر الكادر البشري اللازم لإعداد الخطط وتنفيذ مراحلها.
ولأن تطوير قطاع السكن وفق رؤية تتماشى مع محددات الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي يعد تحدياً مرحلياً في سياق الخروج من تحت الرماد والتحرك من بين الأنقاض، كان التوجه – الحدث- مؤخراً بموافقة المجلس الأعلى للتخطيط الإقليمي على قيام الجهات المعنية بالإعداد لعقد مؤتمر حول الاستراتيجية الوطنية للسكن والإسكان بمشاركة كافة الجهات والنقابات والمنظمات الشعبية، على نية اعتماد مخرجاته لتطوير قطاع السكن في سورية وفق رؤية تتماشى مع محددات الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي.
هنا كان “العكاز” الأهم في قدرة المخططين والمبرمجين على صياغة أشكال من حسن التنفيذ، ضرورة تأمين الكوادر البشرية اللازمة والإمكانات لهيئة التخطيط الإقليمي، وهذا لن يحصل ما لم يتم إجراء مراجعة لآلية عمل هيئة الإشراف على التمويل العقاري لجهة الصلاحيات والتشريعات نظراً لأهمية دورها في المرحلة القادمة، في وقت لابد من تعزيز دور المكتب المركزي للإحصاء ليقوم بالدور المنوط به في وضع قاعدة بيانات تسهم في تنفيذ استراتيجية السكن والإسكان.
أمام هكذا تطلعات ثمة ما يدعو – في سياق التركيز على الخارطة الوطنية للسكن – إلى ضرورة تأمين الأراضي، ومصادر التمويل، وتوفير التقنيات والمستلزمات ومحور الأطر المؤسساتية والقانونية ورؤية القطاع الخاص. ويبقى التعويل على المؤتمر الذي سيحتضن التوصيات والخطط للمرحلة القادمة على أن تعتمد الخطة من رئاسة مجلس الوزراء، وبهذا تكون الخارطة الوطنية للإسكان مدعمة بعملية التخطيط بما يخص قطاع الإسكان في وزارة الأشغال خلال المرحلة القادمة.
ولتكون الأمور سلسة لابد من دراسة التخطيط المكاني لجميع الأراضي وفق معايير فنية ومؤشرات تخطيطية، وإعداد الخارطة الوطنية للسكن والإسكان، كل ذلك لأن خارطة السكن والإسكان أهم الأولويات في هذه المرحلة والتي تسهم في إعادة الإعمار وفق أسس تخطيطية تنموية صحيحة باعتبار القطاع السكني من أكثر القطاعات المتضررة نتيجة الحرب الإرهابية.
علي بلال قاسم