في حديث مبيدات الأعشاب والحشرات وأثرها المتبقي؟ كيف يمكن رفع غلة الأرض إنتاجياً مع التقليل من إرهاق البيئة بالسموم
حماة – محمد فرحة
يلجأ الكثير من المنتجين الزراعيين لزيادة الغلة في وحدة المساحة بحثاً عن الأرباح دون النظر في كثير من الأحيان لما تخلفه المغالاة في استخدام المبيدات أو المواد المحفزة لزيادة الغلة، ومبيدات الحشرات وأثرها السيئ على البيئة والصحة العامة.
فمن المعروف أن مبيدات الأعشاب تفتك بكل شيء أخضر بما في ذلك المحصول المزروع ذاته؛ لذلك دأبت الشركات الكبرى المنتجة للكيماويات الزراعية على ابتكار أصناف جديدة تبيد الأعشاب البرية، وكأنها في مضمار سباق فيما بينها، أي الشركات المصنعة لهذه المبيدات، والتي تنافس على العناصر المغذية في التربة والسماد المخصب، إبادة تامة تقريباً، في الوقت الذي يشترط فيه المزارعون على تقليل الأضرار على المحصول المفيد أصغر درجة ممكنة.
الدكتور في العلوم الزراعية وسيم عدلة ورئيس مركز بحوث الغاب العلمية الزراعية قال في هذا الصدد: إن الاستحواذ على التكنولوجيا يشكل المدخل الأساس لتحقيق الأمن الغذائي، أي زيادة الإنتاج في وحدة المساحة دون المساس بما له تأثير صحي على الصحة البشرية والبيئة في آن معاً.
وزاد عدله: في ضوء الضغط الشديد على الأرض الزراعية والدور الحرج للماء، علينا أن نعتمد بصفة خاصة على السلالات البذرية المحسنة، وهذا ما تشتغل عليه البحوث العلمية الزراعية في سورية وفي كل دول العالم، في حين يرى البعض أن الإنفاق المالي الكبير لما يستخدم من مبيدات وأسمدة يمكن أن يعوض النقص التكنولوجي العلمي الزراعي، وهذا خطأ.
وأضاف الدكتور عدله: من هنا يأتي دور بناء جهاز البحث العلمي المرتبط بقضايا التنمية الزراعية، ويتبعها جهاز إرشادي فعلاً لا كما هي الحال الآن في وحداتنا الإرشادية.
فعندما تنتج المؤسسة البحثية العلمية التكنولوجية نموذجاً جديداً ونظماً مزرعية متطورة يمكن لمزارعينا تحقيق المكاسب بعيداً عن استخدام المبيدات سواء من خلال زيادة الغلة الإنتاجية أو الجودة أو خفض تكاليف الإنتاج، في شتى أشكالها وأنواعها حماية للصحة البشرية وحماية للبيئة المحيطة بنا.
ويسوق رئيس مركز بحوث الغاب الزراعية العلمية مثالاً حياً، حين يقول إن البيوت الشبكية أو ما يعرف بالبيوت البلاستيكية أحدثت ثورة في زيادة الغلة، ويمكن زراعتها في أي وقت من أوقات السنة، رغم أن طعم ونكهة هذه المنتجات ليست بسوية نكهة وطعم الحقول المكشوفة المفتوحة والتي تزرع في أوقاتها المحددة.
إلى ذلك قال المهندس باسل عبد الله اختصاص صناعات غذائية: لاشك هناك محفزات تضاف إلى البيوت الشبكية لتعطي إنتاجاً وفيراً كما نرى، فنحن نرى بندورة في البيوت الشبكية أشبه بالعناقيد الكبيرة في وقت لا نرى شجرة البندورة الحاملة لهذا العنقود. مشيراً إلى أن الشركات المنتجة للبذار تحول دون زراعته إلا لمرة واحدة كي تبقى محافظة على بيع إنتاجها من البذور، ويخشى كثيراً من إضافة الهرمونات للبيوت البلاستيكية لتعطي ما تعطيه من إنتاج يفوق عشرات المرات المساحة المشابهة في الأرض المكشوفة، وهنا يخشى على الصحة البشرية.
باختصار: إن زيادة الغلة الإنتاجية الزراعية يجب ألا يقابله أي تأثير لا على الصحة العامة ولا على البيئة، فالاستخدامات المبالغ فيها من مبيدات الأعشاب وزيادة المادة المركزة والفعالة فيها تترك آثاراً كبيرة على التربة، فالشركات الدوائية المصنعة تبحث عن التسويق لمنتجها، وكذلك الزارع في حين يبحث المستهلك عن غذاء آمن صحياً… تلك هي المعادلة الصعبة.