نقل “الهيئة” و”السوق” إلى البوابة الثامنة خلال العام الجاري عام من القرارات والتعديلات التشريعية تعد بتطور واستقرار القطاع المالي وأسواقه
شهدت الهيئة العامة للأوراق والأسواق المالية، خال العام المنصرم، حراكاً مؤسسياً فاعلاً على مختلف الأصعدة، ولاسيما لجهة المراجعة الشاملة للمنظومة التشريعية التي تنظُم عملها، وتُحدد علاقتها الفنية بالغير، وتلك المتعلقة بأسس تعزيز البنية الرقابية والإشرافية لعملها خلال المرحلة القادمة. فقد عملت الهيئة على تقييم العديد من تشريعاتها الناظمة، ومتابعة تأثير أحكام هذه التشريعات على مختلف الجهات والقطاعات، وقامت بالتالي بتطوير وتعديل ما يلزم لتسهم بصورة أفضل بتطور واستقرار القطاع المالي وأسواق رأس المال والمتعاملين فيها.
وبحسب التقرير السنوي الذي أصدرته الهيئة لعام 2018، بينت ممارستها ودورها الأساسي في التأكد من سلامة الأوضاع المالية للشركات المساهمة العامة ودقة إفصاحاتها بما يسهم في رفع مستوى الشفافية وطمأنة جميع فئات المستثمرين ومساعدتهم في اتخاذ القرار الاستثماري المناسب، بالإضافة إلى تشجيع الشركات المساهمة العامة على توزيع جزء من أرباحها على المساهمين، وذلك من خلال تنظيم عمل شركات الخدمات والوساطة المالية وتقييم شروط ومعايير الترخيص، واعتماد الأشخاص الطبيعيين العاملين لدى هذه الشركات، بالإضافة إلى التحقق من التزام هذه الشركات بجميع القوانين والأنظمة ذات الصلة بعملها. وذلك من خلال متابعة التعاملات التي تتم في سوق دمشق للأوراق المالية والرقابة عليها، والتأكد من سلامة سيرورتها ومن عدم وجود أية حالات تلاعب في حركة التداولات بما يسهم في رفع مستوى الثقة في السوق المالي.
أهم الأنشطة..
أكدت الهيئة في تقريرها أن مجلس المفوضين قد عقد 41 جلسة في عام 2018، ناقش خلالها المواضيع المتعلقة بعمل الهيئة والجهات التي تُشرف على عملها، وتمخض عن هذه الاجتماعات استصدار 151 قرارًا تنوّعت وفق اختصاصات عمل الهيئة القانونية والفنية والتنظيمية والإدارية، ومنها: خمسة قرارات بالموافقة على إصدار وطرح أسهم بغرض زيادة رأس المال شركات مساهمة عامة. 15 قراراً بالموافقة النهائية على زيادة رأسمال شركة مساهمة عامة. 4 قرارات بالموافقة على اعتماد أسهم زيادة رأس مال شركة مساهمة عامة. 9 قرارات بتحديد تاريخ استحقاق مساهمي الشركة المساهمة العامة للأسهم المجانية. وأيضاً 6 قرارات بتجديد اعتماد 7 شركات الخدمات والوساطة المالية، و53 من الأشخاص العاملين لديهم لممارسة أعمال الخدمات المالية، و13 قراراً باعتماد أشخاص طبيعيين للعمل لدى شركات الخدمات والوساطة المالية.
إلغاء وتجديد
كما أصدرت الهيئة قراراً بإلغاء ترخيص 9 شركات خدمات ووساطة مالية، و4 قرارات باعتماد 29 من مدقق الحسابات العام، و12 قراراً باعتماد قرارات مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، وقراراً بتمديد مهلة بيع أسهم زيادة رأس مال مصرف سورية والخليج، وآخر باعتماد قائمة المحكمين المعتمدين. وبحسب التقرير فقد بلغ عدد شركات الخدمات والوساطة المالية التي تمّ تجديد اعتمادها للعمل في عام الماضي 7 شركات، حيث صدر قرار تجديد اعتماد أحد هذه الشركات نهاية عام 2017، فيما صدرت قرارات تجديد اعتماد 6 شركات بداية عام 2018. بالمقابل تمّ إلغاء ترخيص 8 شركات خدمات بسبب حلها وتصفيتها، إضافة إلى شركة أخرى لعدم التزامها بالشروط الواردة في نظام ترخيص شركات الخدمات والوساطة المالية.
تطوير البيئة التشريعية
وعملت الهيئة خلال العام الماضي على إجراء مراجعة شاملة لعدد من الأنظمة والقرارات التي تنظُم عمل الجهات التي تُشرف الهيئة على عملها، بالإضافة إلى أنظمة العمل الداخلية الخاصة بها، حيث تمّ رفع مشاريع تعديل عدد من الأنظمة، لإقرارها من قبل وزير المالية- ممثل رئيس مجلس الوزراء في الإشراف على الهيئة، كما أصدر مجلس المفوضين قرارات تتعلق بتعدياتٍ وإضافاتٍ حديثة على نصوص بعض القرارات، بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة ومقتضيات المصلحة العامة، فبالنسبة للتشريعات المعدّلة التي تمّ إقرارها ولإصدارها من قبل وزير المالية، تعديل نظام مدققي حسابات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة (القرار رقم 300 تاريخ 6/ 12 / 2018)، وقد أضاف هذا النظام أحكاماً حديثة تتعلق بتحديد دقيق للشروط المطلوبة لاعتماد مدقق الحسابات وواجباته بهدف الارتقاء بمهنة تدقيق الحسابات، حيث أنهى العمل بأحكام نظام مدققي حسابات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة الصادر بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم / 3944 / تاريخ 28 / 6/ 2006.
وكذلك قرار بتحديد بدل تجميد شركات الخدمات والوساطة المالية: (القرار رقم 281 / و تاريخ15 / 11 / 2018، المتضمن فرض بدل يُستوفى من شركات الخدمات والوساطة المالية الحاصلة على قرار بتجميد أو تعليق كامل أنشطتها، حيث تمّ تحديد هذا البدل بواقع 50 % من البدل السنوي المعتمد.
أما بالنسبة للتشريعات المعدّلة التي تمّ إقرارها من قبل مجلس المفوضين، فقد أصدر القرار رقم 62 / م تاريخ 14 / 5/ 2018، القاضي بتعديل الشروط الأساسية للترخيص لشركات الخدمات والوساطة المالية، الواردة في الدليل الإرشادي لشركات الخدمات والوساطة المالية الخاصة بالشريك الاعتباري الاستراتيجي في شركات الخدمات والوساطة المالية، بالإضافة إلى السماح للمؤسسين الأفراد بتقديم طلب لترخيص شركة خدمات ووساطة مالية ضمن الضوابط المحددة من قبل الهيئة في هذا القرار. كما أصدر المجلس القرار رقم 113 / م تاريخ 19 / 11 / 2018 بإضافة فقرة إلى المادة / 4/ من تعليمات قواعد تعليق وتجميد شركات الخدمات والوساطة المالية، تجيز للمجلس الموافقة على تمديد تجميد أعمال الشركة لمدة تزيد عن الثلاث سنوات، سنة فسنة، لظروف يعود تقديرها للمجلس. وأيضاً قرار الإعفاء من تقديم وثيقة دراسة الجدوى الاقتصادية عند زيادة رأس مال شركات الصرافة المساهمة العامة، وفقاً لأحكام القانون رقم 29 لعام 2017.
مشاريع في طور الإصدار
أنهت الهيئة مراجعة عدد من الأنظمة المعمول بها والتي تُعنى بالجهات الخاضعة لإشرافها، وذلك بغرض مواكبة التطورات الحديثة وفق أفضل المعايير، ولضمان مبادئ العدالة والشفافية، حيث تضمنّت مشاريع هذه الأنظمة أحكاماً عصرية تسهم في ضبط عمل الجهات التي تُشرف الهيئة على عملها، وبما يحقق أهداف الهيئة، ومنها: نظام الإفصاح والشفافية للجهات الخاضعة لإشراف ورقابة هيئة الأوراق والأسواق المالية؛ ونظام حوكمة الشركات المساهمة العامة، بالإضافة إلى النظام الداخلي لهيئة الأوراق والأسواق المالية.
وحول الدراسات المرفوعة إلى رئيس مجلس الوزراء، قامت الهيئة وبتكليف منه وبالتعاون مع سوق الأوراق، بإعداد مذكرة شاملة بعنوان “رؤى في تطوير القطاع المالي”، كما قامت الهيئة في إطار بنود هذه المذكرة باقتراح مسودة مشروع مرسوم يهدف إلى تشجيع التحول إلى شركات مساهمة خاصة وعامة، ويهدف كذلك إلى تشجيع تأسيس المزيد من الشركات المساهمة العامة، ويُعدّ هذا المرسوم بديلاً عن المرسوم 61 لعام 2007، الذي انتهت فترة نفاذه عام 2010.
معالجة المخالفات
وتعمل الهيئة على متابعة أعمال الجهات الخاضعة لرقابتها وإشرافها، للتأكد من عدم ارتكابها أي مخالفة للقوانين والأنظمة النافذة، وفي هذا الإطار قامت الهيئة خال عام 2018، بلفت نظر عدد من الجهات التي تُشرف على أعمالها لاتخاذ الإجراءات المناسبة وتصحيح الأخطاء المرتكبة من قبلها، بما يضمن استمرار عمل هذه الجهات على النحو الأمثل. كما فرضت عقوبة بحق أحد شركات لعدم التزامها بأحكام نظام إصدار وطرح الأوراق المالية. بالإضافة إلى رفع عدد من المذكرات إلى إدارة قضايا الدولة بخصوص التَّدخل في الدعاوى المتعلقة بأصحاب مكاتب البورصات Forex (استناداً إلى الكتب الواردة إلى الهيئة بهذا الخصوص).
دعاوى قضائية
وكذلك تتابع الهيئة الدعاوى القضائية المتعلقة بعملها والمنظورة أمام المحاكم القضائية المختلفة، وأعدت المذكرات والدفوع الملائمة لتقديمها للمحاكم عن طريق وكيل الهيئة في إدارة قضايا الدولة، وفق الآتي: الدعوى الإدارية المرفوعة من شركة وساطة مالية على الهيئة بوقف تنفيذ قرار إداري مع طلب إعلان انعدامه. الدعوى الجزائية المرفوعة من قبل الهيئة بمواجهة أعضاء مجلس إدارة شركة صناعية ومفتش حساباتها بجرم الاحتيال ومخالفة أحكام قانون الهيئة. الدعوى الإدارية المرفوعة من قبل الهيئة على أعضاء مجلس إدارة شركة صناعية لمنع سفرهم إلى الخارج. الدعاوى الجزائية الخاصة بجرم ممارسة نشاط الوساطة المالية بدون ترخيص من الهيئة.
وحول الشكاوى فقد تلقّت الهيئة الشكاوى الواردة من عدد من الجهات التي تشرف على عملها، بالإضافة إلى شكاوى واردة من العاملين لدى أحد هذه الجهات، حيث تمَ التواصل مع الأطراف المعنية بهذه الشكاوى وتوجيهها لتجاوز جميع الأخطاء المرتكبة، ومن ثمّ متابعة تنفيذ توصيات الهيئة في هذا الصدد.
أتمتة لتطوير الرقابة
بحثت الهيئة مع عدد من الجهات المختصة سبل تطوير عمل الهيئة والأنظمة الرقابية المستخدمة من قبلها، حيث تمّ إعداد الدراسات الملائمة، والاطلاع على العروض المقدّمة من قبل هذه الجهات، ومن ثم تقييم هذه العروض من حيث الجودة والكلفة، تمهيداً للتعاقد مع الجهة المناسبة لإنجاز البرامج المطلوبة، حيث قامت الهيئة بالتعاقد مع جامعة دمشق لتنفيذ عدد من البرامج المتعلقة بعمل الهيئة، ويجري العمل على تأمين البيئة التشغيلية المناسبة لعمل هذه البرامج تمهيداً لتنصيبها.
كما أطلقت إدارة الهيئة مشروع الأرشفة عام 2018، وتم تنصيب البرنامج الحاسوبي اللازم، وسيتم بموجب هذا البرنامج أرشفة وثائق ومستندات ومراسلات العمل اليومي، يوماً بيوم، إضافة إلى أرشفة كافة ورقيات الهيئة منذ تأسيسها، وذلك من أجل توثيق تاريخ الهيئة من جهة، وللحفاظ على مستندات عملها والعودة إليها عند الحاجة من جهة أخرى. وكشفت الهيئة في تقريرها عن أنه قد تقرر الانتقال إلى المبنى الجديد، الكائن في منطقة يعفور بريف دمشق، بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، كما تمت الموافقة الحكومية النهائية على تغطية كل ما يلزم لهذا الانتقال من تجهيزات ومخصصات مالية، الذي من المخطط له أن يُنجز أواسط العام 2019.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com