“الحَمَّة”.. موقعها وأهميتها
في أقصى الجنوب الغربي من الجولان تعانق الحَمَّة الحدود السورية الفلسطينية الأردنية؛ غافية على الضفة اليمنى لنهر اليرموك، ومن ميزاتها الفريدة أنها تبعد عن أربع عواصم عربية (دمشق، بيروت، القدس، عمان) مسافة واحدة هي 135 كم. حيث أخذت الحَمَّة اسمها من ينابيعها المعدنية الحارة؛ وحماماتها الكثيرة، وتعتبر من أشهر المعالم السياحية، والمشتى الأول في القطر بسبب مياهها المعدنية؛ فضلاً عن مواقعها الأثرية ودفء مناخها شتاء، فالحمة مشفى ومشتى، ولمياهها المعدنية شهرة عالمية وخاصيّة علاجية استشفائية، وكان فيها فندق مؤلف من ثلاثة طوابق؛ يقدم خدمات الإقامة والسياحة.
حمامات الحمة كثيرة تنتشر على مساحة 800 دونم. ومياهها المعدنية من أغنى مياه العالم المعدنية كيماوياً؛ إذ تحتوي على مادتي الراديوم والكبريت بنسبة عالية؛ مما يمنحها فعالية كبيرة بمعالجة الأمراض العصبية والجلدية والنسائية والروماتيزم والأكزيما والزهري، كما تعطي النباتات التي ترويها قوة وخضرة ونكهة خاصة جداً. أما أشدّ الينابيع حرارة فهو المَقلى الذي يقع جنوب الحمة، وتصل حرارته إلى 52 درجة مئوية، والبَلسَم تبلغ حرارته 42 درجة مئوية، والرِّيح الذي تساوي حرارته حرارة جسم الإنسان 37 درجة؛ وهو منعش للجسم وراحة للأعصاب؛ كما أنه مفيد لبعض الأمراض العينية. وتلتقي مياه الحمامات في بركة تتصاعد منها أبخرة تنشر رائحة الكبريت ثم تسيل لتصب في نهر اليرموك، وقد بلغ عدد زوار الحمة عام 1966 م خمسين ألفاً من القطر والدول العربية وجميع أنحاء العالم.
كما تضم الحمة عدداً من المواقع الأثرية مثل التل الأثري الذي تعلوه الأنقاض المعمارية التي عُثر في كهوفها على الأدوات الحجرية من العصرين النيوليتي والكاكوليثي. وبين حمام المقلى والتل الأثري هناك أعمدة منحوتة محطمة وقواعد أبنية وتيجان أيونية مع أنقاض مسرح روماني قطره 26 متراً؛ ويتسع لأكثر من 1500 متفرج، وبقايا كنيسة للقديس سرجيوس.
ويذكر آثاريون ومؤرخون أن الحمة حملت يوماً اسم “ايماثا” في العصر الروماني؛ وينابيع وحمامات (إيليا) في العصر البيزنطي.
ومن الأهمية السياحية للحمة أنه كان يصلها القطار الذي ينطلق من دمشق فدرعا فزيزون فتل شهاب فالحمة، وفي الموسم السياحي الشتوي؛ كانت تنطلق رحلة يومياً ذهاباً وإياباً، وكان القطار يصل للحمّة ويتابع باتجاه فلسطين المحتلة حتى حيفا قبل احتلال الصهاينة لفلسطين، تنطلق من القنيطرة ففيق فكفر حارب فالحمة، وتتابع باتجاه فلسطين فحيفا أيضاً.
محمد غالب حسين