دراساتصحيفة البعث

إيران ترد الضربة

ترجمة : لمى عجاج

عن أمريكان هيرالد تريبيون 9/5/2019

لقد كانت مسألة وقت قبل أن تعود إيران لترد الصاع صاعين وتنتقم من مخططات العم سام الشيطانية.

كانت الاتفاقية النووية تسير على النحو المعلن عنه، ففي آذار 2018 أي قبل شهرين من إعلان ترامب عن انسحابه من الاتفاق النووي من جانب واحد، كررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكيد على أنه على الرغم من الدعاية الإسرائيلية فإن إيران لم تنتهك أياً من التزاماتها، وهذا ما أكد عليه يوكيا أمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أعلن أن السلطات الإيرانية أوفت بجميع الالتزامات التي تعهدت بها لخفض برنامجها النووي بموجب خطة العمل المشتركة، فالمفتشون التابعون للوكالة الدولية للطاقة الذرية يقضون ما يقارب3000 يوم تقويمي سنوياً على الأرض في إيران، ومنذ البدء بتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة قام المفتشون بتركيب حوالي 2000 ختم مانع للعبث على المواد والمعدات النووية، وزاروا أكثر من 190 مبنى، كما تمكنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من جمع مئات الآلاف من صور الأقمار الاصطناعية.

لقد كان هذا مرضياً لكل من يهمه أمر الانتشار النووي، ولكل متخوف من نشوب حرب نووية، لكنه كان مزعجاً ومثيراً لامتعاض المحافظين الجدد في واشنطن، فنجاح الاتفاق النووي يعني تقارباً بين إيران وبقية دول العالم، كما أنه يعني أنه لم يعد بالإمكان تصنيف إيران كدولة مارقة، بل على العكس أثبتت إيران وجودها كدولة مستقلة تستطيع أي دولة أخرى أن تتعامل معها تجارياً وأن تتعاون معها في قضايا الأمن العالمي.

غير أن هذا لم يكن مقبولاً بالنسبة لـ (محور الشر الحقيقي) المتمثل بإسرائيل والسعودية العاملة تحت إمرة ترامب، فهذا التحول في العلاقات الدولية لا يتماشى مع مخططاتهم الجهنمية التي ترمي إلى إبقاء إيران دولة منبوذة  لتتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من تسوية أمورها في الشرق الأوسط. وبينما تتولى الشركات الأمريكية تنمية وتوزيع ثرواتها ومواردها، سيكون لدى إسرائيل الوقت  اللازم لمواصلة المزيد من الاعتداءات الهمجية على الأراضي الفلسطينية، وسيكون للمملكة السعودية الحرية في إحكام قبضتها على أسواق النفط، لذلك كان لابد من اللجوء إلى تضخيم الخطاب السياسي الإسرائيلي، وتقديم عرض مبتذل من قبل نتينياهو حول نقاط القوة المتعلقة بـ ” الأرشيف النووي” لإيران بمساعدة السعودية الصديق الصدوق لإسرائيل من خلال القيام ببعض المناورات الجيوسياسية السخيفة والفاشلة كاختطاف رئيس الوزراء اللبناني، والهجوم الدبلوماسي والاقتصادي على قطر بهدف عزل إيران، في حين تقوم واشنطن كالعادة بمواصلة اتهاماتها التي لا أساس لها حول دعم إيران للإرهاب وزعزعة الاستقرار الدولي ..الخ. وإلى جانب هذه الاتهامات هناك حرب التغريدات التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تويتر لينقل من خلالها تهديداته التافهة للرئيس الإيراني حسن روحاني والتي دائماً ما تلقى الرد المناسب، وأخيراً طلع علينا ترامب بقرارانتقامي آخر بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.

لقد أصبح اتهام إيران بالإرهاب والتحالف مع القاعدة روتيناً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من حماقة الفكرة وافتقارها للمنطق والحقيقة، فالاتهام مكشوف وواضح لأن إيران و”القاعدة” -وغيرها من الجماعات الوهابية الأخرى- أعداء حقيقيون بطبيعة الحال، وبناءً عليه أصبح دعم إيران لدمشق ولحزب الله في حربها ضد الإرهاب وضد “داعش” ( وسابقاً تنظيم القاعدة في العراق) إرهاباً، لقد صُنف حزب الله كمنظمة إرهابية لأنه تمكن من مقاومة القوات الإسرائيلية وطردها من جنوب لبنان بعد أن احتلتها بطريقة غير شرعية لمدة عقدين، ووصفت إيران بأنها ترعى وتدعم الإرهاب لمجرد أنها تدعم حزب الله في حربه ضد إسرائيل. في خضم كل هذه الاتهامات تمضي الولايات المتحدة قدماً ببذل قصارى جهدها لإفلاس إيران، في حين تواصل إيران التمسك بمواقفها وبالرد بالمثل لتعلن إيران القيادة المركزية الأمريكية منظمة إرهابية والحكومة الأمريكية راعية للإرهاب وليعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن إيران مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم فوق 3.67 بالمئة المنصوص عليها في خطة العمل المشتركة.