جرعات علاجية!!
بتنا على مسافة قصيرة جداً من عودة عجلة الإعمار للدوران بوتيرة نريدها عالية في مختلف المجالات، ووفق آلية جديدة من الأداء الإداري والعملي تختلف تماماً عن سابقاتها التي افتقدت للمرونة والجودة، بمعنى نحتاج إلى ذهنية غير التي خبرناها خلال العقود الماضية، وعقلية مبدعة في التعامل مع كل الملفات، فالحلول الإسعافية والإجراءات التقليدية باتت مرفوضة الآن وإلا سنعود لاجترار مشكلاتنا وتكريسها من جديد، وهنا الكارثة!.
صحيح أن التغيير والتطوير الذي ننشده لا يحدث بين ليلة وضحاها، فهو يحتاج إلى وقت طويل، الأمر الذي يضع الجهات التنفيذية أمام مسؤولية البحث عن الخطوة الأهم لولوج طريق المستقبل الزاهر بالوصول إلى الأهداف المرجوة التي تنسينا مآسي الحرب وآلامها، ونعتقد أن لا معجزة في معرفتها أو إيجادها، فالبداية الصحيحة تقتضي البدء بوضع أهداف قصيرة الأجل، والاعتماد على جرعات علاجية مضمونة بعد التشخيص الدقيق لكل المشكلات ليتسنى لأصحاب الشأن التخطيط السليم ببعد استراتيجي يعتمد على حلول غير قابلة للتجريب، لأنه لا يعقل أن نلدغ من الجحر مرتين بعد كل المطبات التي وقعنا بها ليس بفعل الحرب فقط، وإنما من صنع أيدينا!.
هنا بالذات نحتاج لاتخاذ القرار الجريء على كل المستويات كونه العامل الحاسم في تقصير المسافات، وحرق المراحل بأقل وقت وجهد وتكلفة، مع مراعاة عدم تعارضه مع القوانين والأنظمة، التي يجب صوغها بما يتناسب مع تحقيق ودعم ذلك القرار الذي ننتظر منه نقلة نوعية بامتياز تُحدث القيمة المضافة التي نحتاجها ونريدها باستخدام تقنيات الجودة الشاملة بالأداء والإنتاج.
بالمختصر، ملفات الإصلاح والإعمار كثيرة ومتشعبة وقد حان الوقت لنبدل الآليات والهيكليات في التعامل معها من أجل تغييرها وتطويرها وفق منطق التطور البعيد عن الجمود، وهذه وصفة مجدية للخلاص من كوابيس الحرب، بشرط أن نعرف كيف نطبخها ونعدها وفق المقادير والمعايير التي تناسب كل قطاع ومجال عمل أنهكته الحرب وشلّه الفساد المستشري بشقيه الإداري والمالي!.
غسان فطوم
gassanazf@gmail.com