مع تعدد نشاطاتها د. أريسيان: نعمل على تفعيل الدبلوماسية الشعبية بين سورية وأرمينيا
رفض الكثير من الأرمن مغادرة سورية حتى بعد تصاعد أحداث الحرب الإرهابية على سورية، وتضرر المناطق التي يقطنون بها، لأنهم يتمسكون بهويتهم السورية، ومن المعلوم أن الحضور الأرمني يشغل حيزاً هاماً ضمن تكوين المجتمع السوري الملون في كل مفاصل الحياة الاقتصادية، والصناعية، والسياسية، والثقافية بشكل خاص، لاسيما بالموسيقا الأرمنية التي تعد جزءاً من الموسيقا السورية، وبالدور الكبير الذي يقوم به الموسيقيون الأرمن السوريون لتطوير الثقافة السورية، وامتد حضورهم الثقافي إلى المسرح، والفن التشكيلي، وكل ألوان الثقافة، كما نشط دورهم في كل المجالات، ما جعل الأدباء السوريين يذكرون الأرمن ضمن السرد الروائي كجزء من النسيج السوري مثل عبد السلام العجيلي، وعبد الرحمن منيف، وحسن.م. يوسف، ووليد إخلاصي، ود. حسن حميد، وغيرهم، فكانوا أكثر الأدباء العرب ذكراً للأرمن، ويعود ذلك إلى ارتباط الأرمن بسورية، وتجذرهم بها، كما امتد حضورهم إلى بعض الأعمال الدرامية كما في “روزنا” الذي عُرض في موسم رمضان الماضي.
وحول حضورهم الفعّال، ومتابعة دورهم بإعمار سورية بعد الانتصار، التقت البعث د. نورا أريسيان، عضو مجلس الشعب، رئيس جمعية الصداقة البرلمانية السورية- الأرمنية التي اهتمت بكل ما يدور بالشارع السوري من خلال موقعها كأول سيدة أرمنية تنال عضوية مجلس الشعب السوري، إضافة إلى مؤلفاتها التاريخية، والتوثيقية، والأدبية مثل “سوقيات الأرمن في دير الزور”، وعملها بفتح مداخل جديدة بالترجمة من اللغة الأرمنية إلى اللغة العربية يظهر عمق الصلات التاريخية، والثقافية، واللغوية بتداخل بعض المفردات باللغتين العربية والأرمنية.
تفعيل العلاقات
د. أريسيان أكدت أن التداخل بين الشعبين العربي السوري والأرمني حمل محاور عدة، بدءاً من التاريخ، وصولاً إلى اللغة والمطبخ، إلى حد التزاوج، وهذا التداخل عززته المنطقة الجغرافية التي جمعت بين الشعبين، والحدث الهام باستقبال العوائل العربية السورية الأرمن الناجين من الإبادة، كما أن القدر جمعهما ضمن إطار السياسة العثمانية التركية حينما تعرّض الشعبان لعدو واحد، ما جعل تقاربهما أكبر.
واليوم من خلال جمعية الصداقة البرلمانية نحاول تفعيل الدبلوماسية الشعبية بين الشعبين والبلدين، لاسيما أن البرلمان الأرمني شكّل جمعية الصداقة البرلمانية الأرمنية السورية مؤخراً، ولذلك نتطلع إلى المزيد من التعاون بين البرلمانيين لما فيه مصلحة البلدين، وبطبيعة الحال فإن تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين سيؤدي إلى تنشيط العلاقات، لاسيما في المجال التعليمي، والثقافي، والاقتصادي.
عودة الأمان
كما تعرّضت كل المناطق في سورية للتخريب، تأثر الأرمن بالحرب الإرهابية، لاسيما في حلب ودير الزور، والآن بعد انتصار سورية، وعودة الأمان والحياة إلى حلب ودير الزور، ما حال الأرمن، وهل سيكون لهم دور بإعادة إعمار سورية الصناعي والاقتصادي؟.
لقد أثبت الأرمن السوريون أنهم مواطنون مخلصون لبلدهم، خاصة في سنوات الحرب الطويلة، وإعادة إعمار سورية ستجري بأيدي السوريين بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري، ومن ضمنهم الأرمن السوريون، وقد شاركوا بالدفاع عن وطنهم سورية، وأسهموا بالحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، ولهم بصمة كبيرة في المجالين الصناعي، والاقتصادي في حلب وغيرها، وبالتأكيد سيكون لهم دور كبير في إعادة تدوير العجلة الاقتصادية في سورية.
وبعد تحرير الكثير من المناطق وعودتها إلى حضن الوطن بدأت أعمال الترميم للمدارس، والكنائس، والمؤسسات الثقافية، والرياضية في محافظات عدة، وتم تنشيط الجمعيات الأرمنية المعنية بالفعاليات الثقافية التي استعادت دورها في المشهد الثقافي من خلال الحفلات الموسيقية، والمسرحية، والأنشطة الكشفية، إضافة إلى الفعاليات الخيرية، وفي هذا العام شاركت الفرق الكشفية بزخم كبير في مناسبات الأعياد الوطنية، وعيد الفصح.
أما على الصعيد الاقتصادي فبعد أن تضررت معامل كثيرة بدأت الآن بعض الورشات والمعامل بإعادة الترميم، والعودة إلى العمل والإنتاج من جديد بكل عزيمة وإصرار.
مشاريع جديدة
وحول المشروع الذي تعمل عليه د. أريسيان قالت: أعمل حالياً على إعداد دراسات عن تاريخ تمثيل النساء البرلمانيات السوريات من خلال دراسة مداخلاتهن وأدائهن، لاسيما في فترة البدايات، وأتابع نشاطي في اتحاد الكتّاب العرب، والمشروع الوطني للترجمة، وأترجم بعد كتابي السابق ضريبة اللياقة مجموعة كتب، مجموعة قصصية ثانية للكاتب اللبناني الأرمني بوغوص سنابيان من اللغة الأرمنية إلى العربية ستصدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، وللعلم هناك مشاركات للدكتورة أريسيان بالترجمة عن اللغة الأرمنية إلى اللغة العربية في المجالين السياسي، مثل “غوائل الأرمن في الفكر العربي”، والثقافي مثل “كوميداس، والموسيقا الأرمنية”، والأدبية مثل “ضريبة اللياقة”.
المرأة في مجلس الشعب
واعتبرت أريسيان التعديلات التي أجريت على قانون الأحوال الشخصية في الدور التشريعي الحالي خطوة هامة في إطار إعادة حقوق المرأة وإنصافها، فالمرأة السورية ناضلت من أجل تحرير سورية، وشاركت بالمظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي، وبرز حضورها الثقافي من خلال إسهاماتها بتشكيل الصالونات والمنتديات الثقافية، وفي نشاطها الحزبي، ومنذ أيام الوحدة بين مصر وسورية طالبت بدعم الثقافة، ورعاية التعليم، وتطوير عمل المرأة، وترقيتها، وإسهامها الفعلي بكل المجالات، وحقها بالتعويض العائلي، وبالحضانة، وكان لها دور بتشكيل الاتحاد النسائي، واتحاد الكتّاب العرب، وإلى اليوم مازالت الثقافة من أولويات اهتمام المرأة في مجلس الشعب.
ملده شويكاني