أسواق رمضان.. نشاط اقتصادي وتنافس على جذب الزبائن بطرق عرض المنتجات
في وسط السوق تجذبك ألوان الفواكه والخضار التي يتفنن أصحابها في عرضها وتزيينها، فالكل يعرض بضاعته بطريقته الخاصة لإغراء الزبائن الذين يبحثون عن حاجاتهم الكثيرة، وخاصة في شهر رمضان الفضيل، حيث ينهمك الشاب العشريني طارق في تزيين التمور، وترتيب البضاعة المعروضة، ويقول: إن عرض البضاعة مهم جداً في رمضان، والكل يتفنن في جذب الزبائن على طريقته الخاصة، ويتدخل والده هادي ليقول: إن السوري في رمضان يأكل بعينه، فإن جذبته المنتجات المعروضة قام بشرائها، ولذلك يحرص كبائع على حسن تقديم التمور التي يزداد الإقبال عليها، خصوصاً خلال الأيام الأولى، مضيفاً بأن الإقبال تحسن مقارنة بالأشهر الثلاثة الماضية، فرمضان يضفي حركة تجارية على مختلف الأسواق.
في المقابل، يعتبر بائع آخر يدعى محمد أن الإقبال على الفواكه مازال دون المأمول، فالسوق ليس مكتظاً كالعادة، ولم يسترجع نسق الأعوام الماضية، مشيراً إلى أن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت كثيراً، وهو ما يجعله يركز على الضروريات، ويضيف بأن ارتفاع الأسعار أضر بالباعة.
من جهته اختار البائع حافظ تغيير نشاطه من بيع الخضار إلى بيع التمور الذي يكثر الإقبال عليها في رمضان، مبيّناً أن هناك منتجات تحضر بقوة في هذا الشهر، لذلك يحاولون ملاءمة العرض مع الطلب، لأن تجارتهم تنشط نسبياً في هذه الفترة، فيسعون إلى تعويض الكساد الذي أصابهم طوال السنة، وعرض منتجات يقبل عليها المواطنون.
الإقبال على أحد باعة الأجبان في السوق كان واضحاً، فالأجبان بمختلف أصنافها وأنواعها تكاد لا تغيب عن الطاولة الرمضانية، وهو ما يؤكده البائع جمال، مضيفاً بأنهم يأملون أن يتحسن الإقبال في الأيام المقبلة، لأن البيع حالياً أقل من أشهر رمضان الماضية، كذلك الحركة كثيفة في الأسواق الشعبية، تترافق مع أصوات الباعة، وتُعرض أصناف مختلفة من الخضار والفواكه، يقول البائع علي: إن الإقبال الأكبر على الأساسيات كالبندورة، والخيار، والبطاطا.
من جهتها، تعتبر أم سموءل (٤٥ عاماً) أن التحضيرات تبدأ قبل حلول رمضان ببضعة أشهر، وتشير إلى أن المنتجات متوفرة، لكن الأسعار مرتفعة، فبعض التجار يستغلون حلول رمضان لزيادة الأسعار، كما تقول، إذ اشترت التمور قبل بداية رمضان بسعر أقل بكثير من السعر الذي تباع به الآن، وهو ١٠٠٠ ليرة سورية، تقول إنها تفضل التركيز على المعيشة بدلاً من تغيير الأواني والأطباق، وخصوصاً إذا كانت متوفرة في مطبخها، وهكذا ترفع شعار “لا للتبذير”.
بدورها زينب تفضل إعداد منتجات كثيرة في البيت بنفسها بدلاً من شرائها من الأسواق تجنباً للغش الذي يكثر في هذه الفترة، مضيفة بأن بقية حاجاتها من الخضار والفواكه واللحوم تفضلها طازجة، وخصوصاً أنها متوفرة في الأسواق.
“لقمتنا سوا”
أبو أحمد وأسرته ينتظرون عودتهم إلى مناطقهم التي تشردوا منها، فعيونهم ترنو الى ما بعد الأفق، حيث تركوا ذكرياتهم هناك، ويحملون أحلامهم أيضاً، وللمكان الجديد الذي اختاروه عنوان حمل لهم الأمن والأمان الذي فروا هاربين لأجله، وكانت السويداء قبلتهم، فصيحات التكبير التي تطلقها مآذن المساجد تختلف عن تلك التي عانوا منها، حيث كانت عنواناً للقتل والذبح على يد مجرمين لا يعرفون من تلك الصيحات إلا حروفها، وهنا الوضع مختلف، فتكبيرات المآذن في الغروب الرمضاني صافرة انطلاق لجمعات الألفة والمحبة عبر المبادرات الاجتماعية التي أطلقها المجتمع المحلي، وتأتي هذه المبادرات الاجتماعية في رمضان لتمتين جسور التواصل والمحبة بين أبناء المجتمع، ومنها مبادرة “لقمتنا سوا”، وهي عبارة عن طبق رمضاني خيري تقدمه فعاليات شعبية وخيرية في السويداء للأسر الوافدة في المحافظة، وتهدف حسب القائمين عليها إلى تجسيد التكافل الاجتماعي.
وبيّن عضو المكتب التنفيذي توفيق غانم: جاءت هذه المبادرة لربط المجتمع المحلي بمؤسسات الدولة، فبادرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى الاجتماع مع الجمعيات الخيرية، والفعاليات الاجتماعية بالمحافظة إلى طرح مبادرة “لقمتنا سوا” لتمتين جسور المحبة والتواصل بين الإخوة المواطنين، والوافدين إلى المحافظة، فبادر العديد من أبناء المحافظة إلى تقديم الوجبات الغذائية عبر تلك الجمعيات لإيصال تلك الوجبات إلى الأسر الوافدة والمحتاجة في المحافظة.
جسور محبة
المبادرة حققت ارتياحاً واسعاً بين أوساط الوافدين الذين يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة، وأكدت أن لقمة العيش المشترك التي طالما تقاسمها السوريون معاً هي عنوان لوحدتهم التي يحاول الإرهاب تمزيقها، فالمبادرة تمتن جسور العلاقات الاجتماعية والأهلية بين أبناء المجتمع، وتساهم في الحفاظ على نسيجه الاجتماعي المتماسك.
أليس مرشد