“جسر الفجوة”
لعل الجولة التفقدية الأخيرة لوزير السياحة على عدد من المواقع والمشاريع السياحية بحلب، واجتماعه الموسع مع المعنيين بالشأن السياحي في المحافظة لإطلاق عجلة الإنتاج السياحي، وإيجاد السبل الكفيلة والناجعة لتحقيق الاستثمار الأمثل في هذا القطاع المهم والحيوي، يعيد هذا الملف إلى المربع الأول من الجدل والنقاش حول العديد من الجوانب والأمور، منها ما قيل مؤخراً عن نية الوزارة إطلاق مشاريع استثمارية ضخمة ضمن خريطة سياحية متكاملة وطموحة من شأنها إحداث تغيير حقيقي في معالم المدينة على المستوى الاقتصادي بكامل أبعاده ومفرداته وتأثيراته الإيجابية على الحياة العامة، وعلى مستقبل المدينة للسنوات العشر القادمة، وبما يتوافق مع معايير وشروط التطوير والتحديث المنشودة.
ومع أهمية الجهد الذي يبذله الفريق الاقتصادي الحكومي ووزارة السياحة على وجه الخصوص في هذا الإطار، نرى أن هذا المشروع ما زال يصدم بحواجز كثيرة، أبرزها عدم التقدم أدنى خطوة على صعيد تحديث التشريعات والقوانين وإعادة تنظيم العلاقة بين كافة الشركاء في القطاعين العام والخاص، يضاف إلى ذلك المشكلات العالقة لناحية مصادر التمويل والسياسات النقدية والمصرفية غير الواضحة، وقضايا أخرى ذات صلة بملفات متعثرة، منها إشكالية تأهيل وترميم الأضرار الناجمة عن الحرب الإرهابية التي طالت وسط المدينة، والمدينة القديمة وأسواقها التجارية ومواقعها التاريخية والسياحية.
وبطبيعة الحال وما دام الحديث مفتوحاً حول العديد من العروض الاستثمارية والمدعومة بدراسات تفصيلية لتحديث الوسط التجاري للمدينة – مركز المدينة – ونضوج فكرة تحويل سوق الهال القديم إلى سوق تراثي تجاري سياحي استثماري، يُرتّب على الجميع مسؤولية مضاعفة لجهة تقديم التسهيلات والمحفزات وكل الدعم المطلوب، ليشكل لاحقاً قاعدة صلبة ومنصة محفزة لإطلاق المزيد من المشاريع، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار تُغري أصحاب رؤوس الأموال المهاجرة للعودة مجدداً والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وصولاً إلى ترجمة شعار الحكومة – عملياً وميدانياً – في الانتقال إلى مرحلة البناء الاستراتيجي.
ونرى أن الفرصة متاحة أكثر من أي وقت مضى فيما لو تضافرت الجهود وتعاونت على جسر الفجوة وردم الهوة بين آليات العمل – التشريعية والتنفيذية – وهو ما يجب أن تضعه الحكومة في الحسبان وتأخذه بعين الاهتمام والاعتبار في كل ما يتعلق بتفاصيل ومفردات مشروع إعادة الإعمار.
معن الغادري