لمن نقدم درامانا؟
جلال نديم صالح
تجلس العائلة مجتمعة كبارها وصغارها لمتابعة ما يقدم في رمضان من مسلسلات درامية وكثير منا يتساءلون هل ما يعرض يصلح للجميع؟ فمتابعة بسيطة للكثير من الأعمال ولما يقدم في بعضها من مشاهد يؤكد أنها لا تصلح للعائلة بجميع أفرادها وأنها موجهة للكبار فقط، وللأسف أننا إلى اليوم ننجز مسلسلاتنا كالمعتاد خلال عام ولا نحدد الفئة العمرية التي يصلح أن يصنع العمل من أجلها، حتى إننا نفتقر لتنويه بسيط أن ما سيعرض لا يناسب الأعمار الصغيرة والحال ينطبق على الكثير من برامجنا. وبالعودة للمضمون الذي يقدم في الدراما وإلى أي مدى يصلح ليشاهده طفل أو مراهق، الواقع يؤكد أن الشريحة التي تظلم دوماً سواء في رمضان وغيره هم الأطفال والأهم شريحة اليافعين التي نتعامل معها إما كأطفال أو بالغين وهي في الحقيقة مرحلة وسطى بين نهاية الطفولة وبداية الشباب، ماذا نقدم لهذه الشريحة سريعة التأثر والتي لم تتبلور نظرتها للحياة و تعيش في غالب الأحيان صراعاً داخلياً في تحديد علاقتها بالمجتمع بعاداته وتقاليده وقيمه، إننا ببساطة وعبر دراما الكبار نعلّم الطفل واليافع أن يتمرد على عائلته وأن التدخين والكحول من أبسط أمور الحياة وأن الخارج عن القانون بطل يستحق الحب والتكريم وأن المال يشتري كل شيء، وقد يقول أحدهم هي سلوكيات موجودة في المجتمع تقوم الدراما بتسليط الضوء عليها فقط، بالتأكيد قد تكون كذلك لكن الكثير منها يمارس في الخفاء وبتكرارها على الشاشة وأمام أشخاص في مراحل عمرية صغيرة تغدو فيما بعد لدى هؤلاء حالة طبيعية لا مانع من تقليدها وممارستها في العلن، فنحن ببساطة نشرعن تلك السلوكيات دون وعي منا، ودوماً يلقى اللوم في ذلك على الأسرة وأن دورها ممارسة الرقابة على أطفالها لكن حتى لو فعلت هل تستطيع أن تفعل ذلك على مدار ساعات اليوم، وفي حال نجحت في إبعاد أطفالها عن هذه الدراما، ما هو البديل الذي نقدمه للأطفال واليافعين، ففي الماضي عندما كان بث برامجنا يقتصر على القناتين الأولى والثانية كانت القناة الثانية تخص اليافعين بفيلم يقدم في يوم من أيام الأسبوع، ولاحقاً اختفى ذلك، واليوم إذا بحثنا على صعيد القصص والروايات والسينما والمسرح والبرامج التي تستهدف هذه الشريحة فهي نادرة إن لم نقل معدومة فمتى سنكف عن التعامل مع أخطر مرحلة عمرية بهذه اللامبالاة، وأن نعي أنها مرحلة حساسة أصحابها ليسوا أطفالاً ولا بالغين.