إبداع خارج حدود النقد
جلال نديم صالح
لو جمعنا أفضل الكتاب وأمهر المخرجين والفنانين والفنيين لينجزوا أحد الأفلام أو المسلسلات الدرامية ترى هل سنحصل على عمل مكتمل العناصر وخارج دائرة النقد؟ باعتقادي أن الإجابة الأكثر واقعية لمعظمنا هي لا، لأنه لا يوجد عمل يخلو من ملاحظة مهما اكتملت شروطه الفنية، وما جعلني أبدأ بهذه الملاحظة تعليق قرأته لأحد المخرجين رداً على مادة نقدية تناولت أحد أعماله عندما قال: العمل أنجزه أكاديميون لن أبحث في تفاصيل المادة النقدية وهل كانت موضوعية أما جائرة ما يعنيني هنا علاقة المنتج الإبداعي بالدراسة الأكاديمية وإلى أي مدى هناك تلازم بين الجانبين، ومن وجهة نظري المتواضعة ليس هناك قانون ثابت يحكم الإبداع وأن الدراسة الأكاديمية منفردة لا تصنع مبدعاً ولو كانت كذلك لما وجدنا الاختلاف والتميز بين أشخاص ارتادوا ذات الجامعات ودرسوا نفس المقررات وتخرجوا من نفس الاختصاصات، والحال ينطبق على من تخصصوا في مجالات الفن التشكيلي أو السينما والمسرح وغيرها، والسبب أن الدراسة الأكاديمية هي الباب الأول وتشكل الخطوط العريضة للولوج إلى أي مجال المجالات، لكنها لا تصنع مبدعاً، وبعض الأمثلة البسيطة قد تفي بالغرض فعندما قرأنا للراحل حنا مينه والذي أبدع رواياته بإتقان هل توقفنا عند مؤهلاته الدراسية وتخصصه؟ والحال ينطبق على همنغواي وغيره من المبدعين، وهناك تجارب مهمة في مجالات الإخراج وكتابة السيناريو لأشخاص برعوا وأبدعوا في مجالات عملهم دون أن يدرسوا ذلك في الجامعات والمعاهد التخصصية، والسؤال الأهم هنا ألم يخضع هؤلاء نقدياً وأقصد هنا -النقد الموضوعي لنفس الشروط والمعايير التي خضع لها غيرهم؟ وهل نظر النقاد إلى هؤلاء بصورة مختلفة عن غيرهم؟ بالتأكيد لا، فقد تم النظر والحكم على ما أنجزه هؤلاء دون أي تصنيفات أو اعتبارات أخرى، وهنا لا أقصد التقليل من شأن الدراسة الأكاديمية في أي مجال لأنها تبقى الأساس في تطور أي علم ولن أتحدث عن التجارب الكثيرة في مجالات الفنون والتي جمع أصحابها بين الدراسة الأكاديمية والإبداع
ما أريد قوله هنا أنه ليست هناك تجربة إبداعية مهما كانت صفات صاحبها ومؤهلاته خارج النقد، وتبقى المشكلة الأهم مدى موضوعية النقد في حالات كثيرة، وإلى أي مدى يساهم هذا النقد في النهوض بفن من الفنون.