الحرب الإسرائيلية- الأمريكية ضد إيران
هيفاء علي
يمثّل التصنيف الأمريكي الأخير للحرس الثوري الإيراني كمنظمة “إرهابية” أدنى مستوى للسياسة الخارجية الأمريكية التي باتت تعتبر القوات المسلحة لدولة ذات سيادة غير قانونية وتدرجها على قائمة الإرهاب!.
لم يحدث أن هاجمت إيران الولايات المتحدة على الإطلاق، بل إيران هي التي تعرّضت منذ ثورة 1979 لهجمات عدة من قبل الولايات المتحدة. في عام 1980، أجبرت الولايات المتحدة صدام حسين على غزو البلاد بجيش وكيل يُسمّى منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية، استمرت الحرب الإيرانية العراقية أكثر من ثماني سنوات وآلت إلى بيع الغاز للعراق من قبل شركات فرنسية وألمانية ولم تتم ملاحقة أو محاكمة أحد. رئيس التحرير السابق لصحيفة فرانكفورتر الجماينه تسايتونج، أودو أولفكوت اعترف بالكذب لتغطية تواطؤ بلده في جرائم ضد الإنسانية. كانت هذه مهمته بوصفه عميلاً للاستخبارات الأمريكية، وأعلن أن معظم وسائل الإعلام في أوروبا كانت تحت سيطرة وكالة المخابرات المركزية. وعليه، يهدف آخر عمل عدواني ضد إيران إلى تشويه صورتها حول العالم.
الإرهاب الأمريكي ضد إيران
في 3 تموز 1988، أطلق الجنود الأمريكيون النار على طائرة ركاب إيرانية كانت تحلق في المجال الجوي الإيراني ما أسفر عن مقتل 248 مدنياً إيرانياً، من بينهم 66 طفلاً، زعم الجيش الأمريكي حينها أن الهجوم وقع عن طريق الخطأ بالخلط بين طائرة إيرباص A300 مع طائرة عسكرية -على الرغم من أن الطائرات العسكرية أصغر بمقدار الثلثين.
لم تعتذر الولايات المتحدة عن هذا العمل الإرهابي، ولم تعتذر عن الأعمال الإرهابية الأخرى منذ ذلك الحين. ومنذ أكثر من أربعين عاماً، أدرك الإيرانيون أن كلمة الإرهاب تعني أعمال العنف الوحشية والمنظمة التي ترتكبها القوى الغربية ضد شعبهم. لقد عانت إيران من الإرهاب أكثر من أي دولة غربية أخرى، ومنذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان عام 2001، هاجم إرهابيون يعملون لحساب المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أهدافاً في مقاطعة سيستان وبلوشستان، إضافةً إلى الهجمات الإرهابية على المساجد في جميع أنحاء البلاد منذ ذلك الحين.
كما تسبّب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 والحرب التي أضرمت نيرانها الولايات المتحدة وإسرائيل في سورية منذ عام 2011 في تصعيد الإرهاب في إيران التي تواجه الآن احتمال غزو تنظيم “داعش” الإرهابي الذي أنشأته الولايات المتحدة لتدمير الدولة السورية بشهادة وثائق وزارة الدفاع التي رفعت عنها السرية.
رغم ذلك وعلى الرغم من الهجمات الإرهابية المستمرة، لا تزال إيران دولة قوية وحرة، وهي واحدة من أكثر الدول المضيافة. في كل مكان تذهب إليه تقريباً، يتوقف الناس ويتحدثون معك ويدعونك إلى منازلهم ويفعلون كل شيء لجعلك تشعر بالترحيب.
ويكفي القيام بزيارة المكتبات في طهران لمعرفة إصرارهم على ترجمة الفلسفة الغربية والإلمام بثقافات الغرب لمعرفة كيف يفكر. وفي عام 2007 قام المخرج السينمائي الإيراني نادر طالب زاده، مدير مؤتمر آفاق جديدة، باخراج فيلم “المسيح”، الذي كان محاولة لخلق حوار بين الأديان، وحصل الفيلم على جائزة من مهرجان الفيلم “Religions Today” وأشاد به الفاتيكان، ولكن ما تفشل وسائل الإعلام في تفسيره هو العلاقات الوثيقة بين وكالة المخابرات المركزية والموساد. وما لا تخبر به وسائل الإعلام هو أن المثقفين الغربيين الذين يسافرون إلى إيران ويخوضون مناقشات هناك يتعرضون للتهديد من قبل حكوماتهم في “العالم الحر” بتهم الإرهاب.
صراع من أجل البقاء
لا شك أن العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على إيران تجعل الحياة صعبة، لكن طهران لديها القدرة الاقتصادية لتكون قاطرة آسيا الوسطى، ولديها أفضل المهندسين والعلماء في العالم. ومن خلال زيادة العقوبات، دفعت الولايات المتحدة إيران إلى التقرب من روسيا والصين، لذلك فإن واشنطن خسرت مليارات الدولارات لأمد طويل، لأنه سيتم نقل تلك المليارات في التجارة والاستثمار إلى بكين.
إن معركة إيران هي من أجل البقاء ومن أجل الدفاع عن نفسها في عالم يسيطر عليه أولئك الذين يريدون أن يكون كل شيء وفق أهوائهم، وخير مثال هنا هو ما صرح به رئيس وزراء العدو الإسرائيلي أنه يجب على الولايات المتحدة استخدام وسائل الإعلام المملوكة لليهود وإمبراطورية الترفيه لإفساد أرواح الشباب الإيراني. لكن لا يوجد بلد آخر في العالم يقاتل بمثل هذه القوة والعزيمة لهزيمة الإرهاب أكثر من جمهورية إيران الإسلامية، وإن محاولة تجريم الحرس الثوري الإيراني، وإشعال وقود الحرب في المنطقة قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.