الضغوط على حكومة ماي تتصاعدوزيرة البرلمان تنضم إلى قائمة المستقيلين
لا تزال أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” تقضّ مضاجع البريطانيين الذين وجدوا أنفسهم، بعد ثلاث سنوات من الاستفتاء الذي قرروا من خلاله الانفصال، عاجزين عن تنفيذ تعهّداتهم بموجب الاتفاق، وخاصة أن الشارع البريطاني مازال منقسماً على نفسه في هذه المسألة، وكذلك الحكومة التي وجدت نفسها في مأزق على مستوى القارة الأوروبية بالكامل، بينما انعكس ذلك بشكل جلي على الوضع الأمني في محيط مقر الحكومة، حيث تمّ إغلاق الطرق المؤدية إلى هناك مؤقتاً، بعد أن قررت الحكومة تأجيل التصويت الحاسم على خطة الخروج، وذلك في الوقت الذي استقالت فيه وزيرة شؤون البرلمان من منصبها احتجاجاً على طريقة إدارة رئيسة الحكومة للملف.
وفي التفاصيل، أغلقت الشرطة البريطانية الطرق المحيطة بمقر الحكومة البريطانية ومكتب رئيسة الوزراء في دوانينغ ستريت بعد العثور على جسم مريب، ومنعت الشرطة الخروج أو الدخول إلى مقر رئاسة الحكومة، وحوّلت حركة المارة إلى الشوارع المجاورة.
وفي شأن خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، قررت الحكومة البريطانية تأجيل التصويت الحاسم في مجلس النواب الذي كان مقرراً الأسبوع الذي يبدأ في الـ3 من حزيران المقبل، وقال المسؤول في الحكومة مارك سبنسر أمام النواب: “سنطلع مجلس العموم على مشروع قانون اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وسنطرحه عقب عودتنا من إجازة البرلمان”.
وجاء الإعلان عن تأجيل طرح المشروع عقب احتجاجات من مؤيدي بريكست على ما وصفوه بـ”تنازلات” قدّمتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وعلى خلفية الأزمة الحكومية التي تشهدها بريطانيا، بعد أن عرضت ماي خطة جديدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، أعلنت الوزيرة البريطانية لشؤون البرلمان أندريا ليدسوم استقالتها من منصبها احتجاجاً على طريقة إدارة رئيسة الحكومة لملف الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقالت ليدسوم في تغريدة لها على تويتر أرفقتها بكتاب استقالتها: “بأسف بالغ وقلب حزين قررت الاستقالة من الحكومة”، مضيفة: إنها خلال الأشهر الأخيرة التي قدّم فيها العديد من زملائها استقالاتهم من الحكومة بسبب خلافات بينهم وبين ماي حول بريكست آثرت هي البقاء في منصبها “للنضال من أجل بريكست”.
وأوضحت ليدسوم مخاطبة رئيسة الوزراء: “على طول الطريق كانت هناك تنازلات غير مريحة، لكنك حصلت على دعمي التام وإخلاصي، أما اليوم فلم أعد أصدّق بأن النهج الذي تتبعه الحكومة سوف ينجح في تحقيق نتائج الاستفتاء” الذي جرى في عام 2016 وأيّد فيه 52 بالمئة من الناخبين البريطانيين خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.
وعرضت ماي قبل أيام مجموعة من “إجراءات التسوية” التي تهدف إلى الحصول على دعم النواب من حزب العمال المعارض تضمّنت منح البرلمان فرصة التصويت على إجراء استفتاء ثانٍ على بريكست.
واعتبرت ليدسوم في رسالتها أنها لا تعتقد أن بريطانيا ستكون “ذات سيادة كاملة” إذا ما رأت خطة ماي النور، مؤكدة أيضاً أن تنظيم استفتاء ثانٍ من شأنه أن يقسم البلاد بشكل خطير، كما شككت الوزيرة المستقيلة في قانونية الإجراءات الحكومية المتعلقة ببريكست، وقالت: “إن مشاريع القوانين المتعلقة ببريكست لم تتم مراجعتها أو الموافقة عليها بشكل صحيح من أعضاء مجلس الوزراء”. وعشية تصويت بريطانيا في الانتخابات الأوروبية التي لم يكن يُتوقع أن تشارك فيها بريطانيا بعد ثلاث سنوات من الاستفتاء بشأن بريكست، دعت ماي النواب إلى التصويت على الخطة الجديدة مطلع حزيران المقبل حتى تتمكن البلاد من مغادرة الاتحاد الأوروبي هذا الصيف.
وأكدت ماي أن اقتراحاتها هي “الفرصة الأخيرة” بالنسبة إلى البرلمان لإنهاء المأزق السياسي الذي أخّر موعد بريكست الذي كان مقرراً في الأصل في آذار وأثار غضباً شعبياً عارماً، واصفة هذه الاقتراحات بأنها “اتفاق بريكست جديد” ينبغي على بريطانيا أن تدعمه.
وتسعى الحكومة إلى التصديق على الاتفاق بحلول موعد بدء عطلة البرلمان الصيفية في 20 تموز، ما سيسمح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي في نهاية ذلك الشهر، ما دام النواب يرفضون إجراء استفتاء ثانٍ.
وفي حال لم يحصل ذلك، فقد يتم تأخير بريكست حتى 31 تشرين الأول، وهو الموعد الذي حدّده الاتحاد الأوروبي أو حتى إلى ما بعد هذا التاريخ إذا منح القادة الأوروبيون بريطانيا تأجيلاً آخر.
وطلبت ماي أمس الأول من زعيم حزب العمال المعارض جيريمى كوربين دعم اتفاقها من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد أن عرضت مبادرات من بينها فرصة التصويت على إجراء استفتاء ثانٍ، بينما اعتبر المشرّع البريطاني جيكوب ريس موج أن خطة ماي الجديدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي أسوأ من خطتها القديمة.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية البريطاني أمس، أن رئيسة الوزراء ستظل في منصبها، وهي من سيستقبل الرئيس الأمريكي خلال زيارته المرتقبة إلى لندن في الثالث من حزيران المقبل.
ودافع هانت خلال مشاركته في مؤتمر “الدفاع السيبراني للناتو” المنعقد في لندن، قائلاً عند سؤاله مَن سيكون في استقبال الرئيس الأمريكي: “إن تيريزا ماي ستكون رئيسة الوزراء التي ستستقبله”.
وكانت صحيفة ذا تايمز البريطانية كشفت أمس أنه من المتوقع أن تعلن رئيسة الوزراء البريطانية استقالتها اليوم الجمعة إثر التمرّد الحكومي على خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.