المهلة انتهت!
انتهت المهلة التي أعطيت لأردوغان لتنفيذ التزاماته في اتفاق سوتشي دون أن يطبّق ولو بنداً واحداً، ولم يبق أمام الدولة السورية سوى الحل العسكري لتطهير إدلب من الإرهاب، وتخليص الأهالي من إجرام عصابات رئيس النظام التركي، الذي كانت أحلامه، وكما جرت العادة، أكبر بكثير من حقائق الميدان، التي أكدت من جديد أن من يراهن على عصابات القتل بالأجرة خاسر في النهاية مهما كان حجم التحشيد والتجهيز والتشويش، إن كان عبر عقد جلسات شبه يومية لمجلس الأمن، أو عن طريق الدعم المباشر، كما فعل التركي، خلال الأيام القليلة الماضية، لرفع معنويات المرتزقة المنهارة على كل جبهات القتال جراء تناثر أشلاء إرهابييه بفعل الضربات الدقيقة والمركّزة لأبطال الجيش العربي السوري، الذي استعد لمعارك غير “محدودة” من حيث المدة والجغرافيا، واضعاً نصب عينيه أن لا تراجع، ولا توقف للمعارك قبل إعادة الأمن والاستقرار إلى عموم المحافظة المستباحة من شذاذ الآفاق.
بالتوازي، عادت واشنطن لاستخدام اللغة ذاتها التي اعتمدتها أثناء معارك دير الزور وحمص والغوطة والجنوب، حيث بدأت دبلوماسيتها ووزارة دفاعها بالعزف على الوتر ذاته عبر تحذير الجيش السوري من التصعيد ومن “استخدام السلاح الكيميائي”.. تلك التصريحات الممجوجة والفاقدة للصلاحية ترددت أصداؤها في لندن وباريس، ما يعني إعادة إحياء للجبهة الثلاثية المشتركة الأميركية، البريطانية، الفرنسية، التي تريد تأكيد حضور الحلف الذي نسجه ترامب، لشن العدوان الثلاثي على سورية، وبذات الحجة التي تصب في سياق دعم مقاربة إدارة الرئيس الأمريكي، والتي تسعى إلى توظيف الإرهاب لتفعيل حل سياسي على مقاس مصالحها، ويضمن في الوقت ذاته أمن “إسرائيل” عبر الإبقاء على بؤر إرهابية في عدة مناطق، ويمكنها من إعادة إحياء مخطط الاستنزاف والتقسيم والتفتيت الذي سعت إليه منذ بداية الحرب عبر استخدام المرتزقة إلى أبعد ممكن، تزامناً مع الإجراءات القسرية المفروضة على الشعب السوري لمواصلة الضغط في إطار محاولات الإخضاع، والتي فشلت في تحقيق أي من أهدافها، بل على العكس بعد كل معركة تتكشف دلائل جديدة أمام من لا يزال يصر على إبقاء الغشاوة على عينيه بأن الغرب هو الداعم الأول للإرهاب.
بعد سلسلة الانتصارات والإنجازات التي تحققت على طريق القضاء على الإرهاب باتت سورية أكثر قدرة على امتلاك زمام المبادرة، ومع مرور كل ساعة من عمر الحرب تضيق الخيارات أمام الأدوات والمشغلين، فأي عدوان من معسكر الحرب يعني الدخول في مواجهات مفتوحة في منطقة تعيش بالأصل على صفيح ساخن، ولا تحتاج لأكثر من عود ثقاب لتوسيع رقعة الحرب، وهذا ما يدركه الغرب جيداً، كما أن التعويل على التنظيمات التكفيرية لقلب معادلات الميدان بات كمن يركض خلف سراب، فنتائج الحرب أصبحت محسومة لمصلحة سورية وحلفائها وعلى من فتح الحدود، وسهّل إدخال الإرهابيين، أو أمّن الغطاء لهم طوال سنوات الحرب أن يستعد لاستقبال “الذئاب المنفردة” والتي ستسعى بالتأكيد لاستكمال المشروع “الحضاري” في بلاد المنشأ بعد أن عجزوا عن تطبيقه في سورية.
عماد سالم