اقتصادصحيفة البعث

رغم أنه مشروع وطني بامتياز.. غياب أم تغييب للاتحاد والغرف الزراعية..!؟ “الري الحديث” ..مونولوج  تخضرُّ له زارعتنا.. والعبرة بـ” سماد” التعليمات التنفيذية!

بداية نرفق استهجاننا من عدم دعوة اتحاد الغرف الزراعية  والغرف..، لمثل هكذا مشروع يوصف بالوطني، ويطالب من ينعته بذلك مشاركة ومساهمة الكل فيه…!؟

على أمل أن تكون الثالثة ثابتة كما يقال..، حيث تم عقد اجتماع للجنة العليا للتحول للري الحديث في مجلس الوزراء برئاسة المهندس عماد خميس رئيس المجلس، وبعده اجتماع أخر في وزارة الزراعة، ومن ثم، قبل أمس الخميس، اجتماع لوزراء ثلاثة، الصناعة والصناعة والمالية، وحضور معاوني وزيري الاقتصاد والموارد المائية، إضافة لمدير المصرف الصناعي، ومشاركة عدد من شركات ومنشآت تصنيع مستلزمات هذه التقنية في الزراعة..، يمكننا القول إن هناك جدية واضحة للانطلاق بتنفيذ المشروع الوطني للتحول للري الحديث…

لكن وبحكم التجربة وتاريخ ملف هذا “مشروع التحول” الذي توقف عام 2012 نتيجة للأزمة، ومعاودة طرحه عام 2017 و2018 حيث رُصد له نحو 1.2 مليار ليرة، بغاية المباشرة بتنفيذه من بداية العام المذكور، غير أنه لم يتم تنفذ أي شيء، ليصار إثر ذلك إلى مناقلته لهذا العام 2019 بعد انقضاء نحو الـ 5 أشهر!؟ بحكم التجربة لا نخفي توجسنا من تكرار السيناريو نفسه مجدداً، وبالتالي عرقلة ترجمة متطلبات هذا المشروع..، وتحديداً لناحية حلحلة ما يعترض المتطلبات الصناعية للمنشآت والشركات المنتجة للتجهيزات والأدوات والمستلزمات الضرورية لـ “التحول”، إذ ومن خلال متابعتنا للاجتماع الأخير في وزارة الصناعة، ورغم ذلك التعاطي السلس مع ما طرح من متطلبات ومن قبل سداسي الفريق الحكومي المعني بترجمة اللجنة العليا الخاصة بالمشروع، إلاَّ أننا ننبه إلى أهمية الوقت في المباشرة الفعلية، لتأمين كل ما يلزم لإنجاح المشروع، وبشكل أوضح ننبه من أن تأخذ الإجراءات والآليات المؤسساتية وقتاً كبيراً ( بعد الشبه اكتمال للبنية التشريعية)، تحول دون وصول الصناعيين ومعاملهم ومنشآتهم إلى ما يحتاجونه، كي ينطلقوا بعملية تصنيع مستلزمات المشروع، الأمر الذي يعني بالنتيجة زيادة في استنزافنا للمياه من أجل الري، حيث تصل نسبة المياه المستخدمة لأجل الزراعة إلى نحو 88%، بينما هي 3% في القطاع الصناعي و8% في القطاع المنزلي، هذا ناهيكم عن الوفر الغذائي الذي يمكن تحقيقه باستخدام  الطريق المتطورة في أساليب الري الحديث.

الأهم التوسع..

إذاً وبحسب ما أكد وزير الصناعة المهندس معن جذبة، أن هناك 2 مليار ليرة تم رصدها والموافقة على إنفاقها بشكل أولى للإقلاع بالمشروع، وهو رصيد قابل للزيادة كدعم لخطوات المشروع وفق التوجهات الحكومية، خاصة وأنه رأى في الصناعيين شركاء رئيسين للحومة في إطلاق المشروع، كونهم سيساهمون وعبر تأمين متطلبات التحول في تحقيق الأمن المائي.

وزير الصناعة أكد أهمية التقيد بالمواصفات الصناعية وامتلاك شهادة الأيزو والالتزام بالمطابقة والمعايير والموصفات السورية، بهدف إنتاج أفضل التجهيزات بأفضل نوعية وأسعار، أما الأهم صناعياً فهو العمل على توسيع مراحل التصنيع وفقاً لكلام الوزير، الذي نوه إلى أن هناك 48 منشأة يؤمل عودتها وزيادتها عددها، وتشجيعاً على ذلك وجهت الحكومة بمنح القروض والمحفزات للصناعيين لإقلاع المنشآت.

بدل المستورد

وزير الزراعة المهندس أحمد القادري، بين أن سعي الحكومة لدعم الصناعيين، يأتي  ضمن خطة إحلال المنتج المحلي بدل المستورد، داعياً أصحاب المعامل المتوقفة إلى الاستفادة من التسهيلات المقدمة لهم لجهة تخصيصهم بجزء من المبالغ المخصصة للقروض، لافتاً إلى أنه قد تم الاستماع إليهم والاهتمام بمقترحاتهم لتشكيل انطلاقة جديدة حول المشروع، وهذه المقترحات ستتم مناقشتها مع الجهات المعنية وإيجاد الحلول لها، وكلها تتعلق بتأمين الكهرباء والمحروقات والمواد الأولوية عن طريق الاستيراد وتسهيلات القروض، وكلها مقترحات محقة ستتم دراستها مع الجهات المعنية.

وعد واستعداد

أما وزير المالية الدكتور مأمون حمدان فوعد الشركات والصناعيين، باستعدادهم لتأمين القروض لإعادة إقلاع المنشآت، داعياً إياهم بعدم الاتكال كلياً على الحكومة في إعادة اطلاق منشآتهم وعودتهم للإنتاج، بل المشاركة والتعاون معها من أجل ذلك، مذكراً بصناعيي منطقة تلك كردي، الذين كانوا بالوضع نفسه، ورغم ذلك لم يسجل أن واحداً منهم أخذ قرضاً ( 100 منشأة)، وإنما اعتمدوا التدرج في التشغيل والإنتاج، وعادوا للعمل بقوة، ناصحاً بالاعتماد على الذات قدر الممكن والمتاح، وبحسن الإدارة والتشغيل..، ما يخفف كثيراً من الأعباء، وهذا يصب في مصلحة الجانبين.

وكذلك وعد بتعديل نسب دعم الشركات الممولة من الصندوق، والمتضررة التي تنتج، موضحاً أن ما يقال هو نسب الفائدة على القروض، من أنها عالية 11و12% ليس دقيقاً، إذ إنه لوتم حساب الفرق ما بين الدعم التي تقدمه الدولة والقروض التي تمنح فإن النسبة تصل إلى 6% فقط.

الأولوية شرقاً

بدورها أكدت معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رانيا خضر، ضرورة وأهمية التوجه شرقاً في إعطاء الأولوية لإجازات الاستيراد، ولاسيما من الدول الصديقة، علماً أنه يتم دراسة كل موضوع على حدة، وأوضحت أنه يتم العمل أيضاً على فتح المعابر الحدودية لاسيما معبر البوكمال، حيث كان طالب الصناعيين بذلك، لتسويق منتجاتهم.

محقة..

في قبالة كل ما تقدم من تشجيع ووعد بتسهيلات للصناعيين المختصين العاملين في مجال تصنيع مستلزمات الري الحديث، إضافة على تقديم محفزات استثمارية خاصة بتأهيل المصانع المتضررة، وإقامة مشاريع في محافظات زراعية، ومنح قروض إنتاجية بفوائد ميسرة للصناعيين والمزارعين وتطوير المخابر الخاصة باختبارات الجودة ومطابقة المقاييس لمراقبة منتجات تجهيزات الري الحديث…

مقابل ذلك..، تمحورت طروحات ومطالب أصحاب المنشآت على عدد من المواضيع الملحة ومن أهمها: منح القروض بضمانة الآلات، الذي طرحه المهندس سلمان أحمد عضو جمعية المخترعين وصاحب مصنع أوراس لإنتاج مستلزمات الري الحديث، وهذا ما تمت الموافقة عليه، من قبل مدير المصرف الصناعي الدكتور عمر سيدي، لكن على أن تكون الآلات جزءاً من الضمانات كضمان الأرض والعقار وغيرهما، وليست بمفردها، وقد لقي هذا الأمر قبولاً، وحول المطالبة بتعديل الفوائد لناحية التخفيض كشف سيدي عن أن هناك دراسة لإعادة النظر بمعدلات الفائدة للقروض الصناعية من خلال مشروع دعم الفائدة، المخصص له 20 مليار ليرة.

تم خفضها

سيدي أكد أن المصرف الصناعي منح قروضاً بما مقداره 2.5 مليار ليرة منذ إطلاقه للقروض، ومنها قروض لتمويل شراء الآلات، كما أكد أن كل الطلبات التي تقدم للمصرف تدرس أسبوعياً، وهم يمنحون حالياً ما بين 12-20 قرضاً، منوهاً إلى أن مرد تشددهم على الدراسات المقدمة من قبل المُقترضي، هو لأجل عدم الوقوع بالتعثر، مشيرا إلى أنهم يشجعون الاستثمار بالمناطق الصناعية لأنه الأنسب والأضمن لكل الأطراف، منوها أن القروض التي تمنح للمنشآت المدمرة، تم تخفيض فوائدها إلى 10%، ولفير المتضررة 12%، مؤكدا أن القروض التي منحها المصرف للصناعيين لا تزال تعمل بشكل جيد وهذا من خلال مديرية المتابعة بالمصرف.

السماح بالبديل

ومن المطالبات أيضا السماح باستيراد المواد التي ليس لها بديل أو مثيل في الدول الصديقة، وذلك منعا لدخولها مهربة الأمر الذي يزيد من تكلفة المُنتج، وهذا ما وعدت معاونة وزير الاقتصاد بحله وأنه لا توجد مشكلة في ذلك، بعد أن يتم التأكد من صحة عدم توفر البديل بالتعاون مع “الصناعة” وحسب البيان الجمركي، مؤكدة أنه ليس هناك قوائم استيراد ثابتة، وكذلك المطالبة بـ” مركز المخاطر” في المصرف المركزي، وإضافة لذلك مطالب بتحسين الوضع الكهربائي، والمحروقات، والموافقة على تمويل مستوردات هذه الصناعة بالدولار من المركزي، وموضوع تأمين المواد الأولية الضرورية لهذه الصناعة، وخاصة الحبيبات البلاستيكية عالية الجودة، والمطالبة بأن يتم السماح باستيرادها للمعامل المرخصة، وأن يتم معاملتهم معاملة المستثمرين في المناطق الحرة.

العبرة بالتنفيذية..

ختام الاجتماع كان باقتراح  وزر الزراعة إعداد وتصميم استبيان لمعرفة وتحديد وضع كل منشأة، ومعرفة كيفية مساعداتها، أي فرز كل منها حسب حالتها، وما تحتاجه لكي تستعيد تشغيلها، وأن يرفع الاستبيان مع المقترحات التي خلص إليه الاجتماع، وردا على ذلك رد أحد الصناعيين أن يكون الاستبيان إلكترونيا تسهيلا وتسريعا للحلول والمعالجة..، وفي النهاية نؤكد أن “التنقيط” بالمعالجة هنا لن ينفع، فكل ما اتفق عليه وهو هام، هو أمام اختبار السرعة بالإجراءات والتعليمات التنفيذية..وهذا هو الامتحان في مدى محافظتنا على ثرواتنا.

Qassim1965@gmail.com