أخبارصحيفة البعث

“هواوي” تتحدّى ترامب

 

في الوقت الذي يترقب فيه العالم إطلاق تقنية الـG5 بشكل رسمي ابتداءً من العام القادم، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه ضربة مؤلمة لعملاق التكنولوجيا الصينية هواوي، وحرمانه من حصته في السوق الرقمية العالمية، من خلال إدراج الشركة و70 فرعاً تابعاً لها، على قائمة “واشنطن السوداء” للمصدّرين. قرار تجاوز بتبعاته العقوبات الاقتصادية لينحو منحىً آخر له علاقة بالسياسة، ومفاتيح السيطرة، والتحكّم التي تريد واشنطن ترامب التشبث بها، ومنع أي دولة صاعدة من الوصول إليها، ولعب أي دور مهما كان، ولكن السؤال المطروح دائماً هل ستنجح الإدارة الأمريكية في تحقيق ذلك، وماذا عن هواوي وبكين فهل ستسلمان بالأمر؟.
يؤكد الباحثون أن شبكات الجيل الخامس ستكون أبرز موجات الثورات التقنية، وهناك من يذهب أبعد من ذلك بالقول: إنها التقنية التي ستغيّر وجه العالم، لما لها من تأثيراتٍ في قضايا وأعمال وخدمات مهمة في العالم، لعل أبرزها تقنيات التحكم عن بعد، ومساعدة أنظمة الذكاء الصناعي على العمل لاسلكياً دون الحاجة إلى ربطها بحاسوب مركزي، والصين عبر شركة هواوي قطعت شوطاً كبيراً في هذه التقنية وتطبيقاتها، وحسب مدير الشركة فإن العالم بحاجة إلى سنوات كي يصل إلى التطور الذي أنتجته هواوي.
وعليه فإن هجوم الرئيس الأمريكي ترامب على هواوي وغيرها من الشركات العملاقة الصينية، يؤكد أن الهدف هو ضربة استباقية أمريكية للحيلولة دون نفاذ بكين إلى هذا السوق الكبير، وإبقاء العصا الأمريكية مسلّطة على كل الدول، بواسطة التكنولوجيا كما يحدث الآن، فواشنطن تجمع في يدها اليوم عالماً من المراقبة الكاملة والسيطرة الكلية، يجمع بين الأداتين المالية “الدولار”، والمعلوماتية، وبالتالي فإن دخول طرف جديد ومن خارج الحلفاء التقليديين “الأوروبيين”، أي من غير عرق كما حاولت مسؤولة أمريكية كبيرة في البيت الأبيض التعبير عنه على هامش مؤتمر “أمن المستقبل 2019” بقولها: “للمرة الأولى، منافس أمريكا هو قوة عظمى ليست من العرق الأبيض”، ومن هنا يمكن قراءة الحرب التجارية التي شنّها ترامب على السلع الصينية والرسوم التي فرضها عليها، على أنها حرب استباقية لكسر العملاق الصيني وتقييده.
في المقابل تقول هواوي: إنها تحسّبت لعقوبات ترامب، وهي كانت تدرك أن المواجهة لابد منها مع واشنطن حسب مديرها التنفيذي، وبالتالي فإن العقوبات التي طالتها، لن تبقى محصورة بها، بل ستتعدّاها إلى كل من يتعامل معها، فالشركات الأمريكية ستكون أكبر المتضررين عبر حرمانها من الوصول إلى التكنولوجيا الرائدة، بأسعار زهيدة، كما ستقلل المنافسة، وترفع الأسعار، وتحرم السوق الأمريكية من حوالي مئات المليارات، حيث تشتري هواوي من الولايات المتحدة الأمريكية ما يربو على تريليون دولار من السلع والخدمات سنوياً، في حين هاجمت بكين عبر خارجيتها واشنطن، واعتبرت الهجوم على شركاتها “بلطجة اقتصادية” أمريكية موصوفة.
أخيراً، إن الصراع الذي يقوده الرئيس ترامب على عملاق التكنولوجيا الصينية، ما هو إلا محاولة من واشنطن للحفاظ على مكاسبها التكنولوجية والاقتصادية والأهم السياسية، أي إعادة ترتيب العالم اقتصادياً وسياسياً، ولكن هل تنجح محاولة ترامب؟، أم يكون لها مفعول عكسي يخرج التنين الصيني من قمقمه.
سنان حسن