أين الدراما البدوية؟
جلال نديم صالح
قبل سنوات لم تكن الدراما السورية تعيش الفترة الذهبية التي نشهدها الآن، كان عدد المسلسلات السورية حينها قليل وكنا نعتمد غالباً على الدراما المصرية لسد هذا النقص، لكن هذا لا يعني أنها لم تكن حاضرة. صحيح أن عدد ما كان ينتج حينها يعد على أصابع اليد الواحدة أو أقل، لكن هناك مسلسلات سورية حفرت في الذاكرة في تلك الفترة وإلى اليوم نذكرها بالكثير من الاحترام.
اخترت هذه المقدمة للحديث عن أحد أنواع الدراما التي كان لها حضورها في تلك الفترة وما تلاها وهي الدراما البدوية والتي يؤكد الجميع بأن سورية كانت السباقة في صناعتها، ومنها انتقلت إلى دول مجاورة لاحقاً كان هناك حضور خجول لهذا النوع إلى أن اختفى تقريباً، ويبدو أنه لم يعد يدخل في حيز اهتمامات الكتاب والمخرجين الشباب وجميعنا نشهد التركيز الكبير على الدراما الاجتماعية والكوميديا وأحياناً بعض الأعمال التاريخية، وقد يعيد البعض هذا إلى أن قضايا المجتمع المعاصرة وهمومه هي الأهم وهي ما يشغل المشاهد بالدرجة الأولى لكن إلى أي درجة تقارب هذه النظرية الحقيقة؟ ولو كانت كذلك كيف يمكن أن نفسر توجه المجتمع الصناعي الغربي، وهو الأكثر تعقيداً من مجتمعنا بمشكلاته وتناقضاته لإنتاج الكثير من المسلسلات والأفلام التي يمكن أن نصنفها تصنيفات بعيدة عن الجانب الاجتماعي بمشكلاته كأفلام الخيال العلمي مثلاً وهي الآن تعتبر الأكثر رواجاً والأكثر مشاهدة، مع أن تطبيق وجهة النظر السابقة لا تفترض ذلك، وباعتقادي أن السبب الحقيقي لغياب الدراما البدوية أن الأعمال الدرامية باختصار باتت اليوم تفصل على مقاسات شركات الإنتاج أي أن الجهة التي ستتبنى تمويل العمل والمحطات التي ستعرضه هما من تتحكمان في طبيعة العمل الدرامي، وباختصار بات المال يتغلغل أكثر فأكثر في هذه الصناعة ومن يملك المال هو صاحب القرار، فنحن اليوم بحاجة أكثر لدراما التنوع إذ لا يكفي أن ننتح عشرات المسلسلات الكوميدية على سبيل المثال وننسى أنواعاً أخرى، والأهم أن ننتبه إلى أن سطوة رأس المال وكونه صاحب القرار سيفقد درامانا الكثير وقد نصل في يوم ما إلى مسلسلات مستنسخة عن بعضها شكلاً ومضموناً، لا تشبهنا ولا تمثل حقيقة النهضة التي حققتها الدراما السورية.