تحقيقاتصحيفة البعث

العنوان الأبرز في طرطوس غش المواد الغذائية..المتابعة الرقابية غير متوافقة مع واقع الأسواق!!

 

يعيش السوريون أجواء شهر رمضان المبارك، حيث تتوفر جميع المواد لزوم سفرة الشهر الفضيل، ولكن في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، والوضع المعيشي الصعب لأغلب المواطنين، وتزامناً مع الارتفاع الهستيري لجميع المواد الغذائية في الأسواق، بات الغش التجاري هو العنوان الأبرز والطريق الأنسب للتجار لتحقيق الربح الفاحش تجاه من ليست لديهم مقدرة مادية على تحمّل غليان وفلتان الأسعار التي تلهب جيوب المواطنين دون أي شعور بالآخرين في شهر الرحمة والمغفرة، في ظل رقابة غائبة، وآليات ضبط بعيدة وغير متوافقة مع واقع الأسواق!.

غش بالجملة
تكاد لا تخلو مادة غذائية في أسواق طرطوس من الغش، كما لم تفلت سلعة من اللعب بالمواصفات، وتغيير تاريخ الصلاحية والإنتاج، فالغش التجاري في المواد الغذائية في أعلى المراتب والمستويات، ولا يقف الغش في المواد الغذائية ليتعداها إلى كل منتج مطروح من مستلزمات طبية، ومعدات، وآليات، وحتى ألبسة، كذلك قطع تبديل السيارات، كما أننا نلحظ غشاً في المطاعم يدخل في المواد المصنعة عند تقديم الوجبة الغذائية، حتى الثياب تباع على أنها ماركة، وكل ذلك دون حسيب أو حتى رقيب!.

أشكال وأنواع الغش
يخلط الحليب بالماء، واللبنة بالنشاء، كذلك ينقع الفروج بالماء عند الباعة ليزداد وزنه، والتوابل في الأسواق ممزوجة بمواد يفسدها طعمها ورائحتها الذكية، فالسماق يخلط بكمية جيدة من ملح الليمون لتظهر حموضته، كذلك الزعتر يخلط بنشارة الخشب، والفروج خلال عشرين يوماً يباع بوزن 2 كيلوغرام نتيجة الهرمونات والحقن التي يدفع ثمنها المواطن، ولا يتوقف الغش على المنتجات الغذائية والمكشوفة التي تباع على البسطات “وعلى عينك يا تاجر”، وخاصة ما يتعلق منها بأطعمة الأطفال، والحلويات، والعصائر، والتمور، وإنما يتعداها إلى المواد المعلبة حتى بات عسيراً على المواطن التأكد من مدى سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك في ظل سهولة نزع اللصاقة القديمة بأخرى مناسبة!.
الغش التجاري هو قيام التاجر بتغيير مواصفات المادة المنتجة والمستهلكة بحيث تصبح ضارة بالمواطن، ورابحة للتاجر بعدة أشكال وطرق، وذلك حسب محمد كناج، نقيب محامي طرطوس، مؤكداً أن الغش التجاري مصيري، فكما بالحرب يوجد موت كذلك بموضوع الغش يتعرّض البشر للموت والأذية في الصحة.
وأضاف: يلجأ التاجر للغش لتحقيق أرباح فاحشة بين المادة المغشوشة والأصلية، وهو ما يسمى التقليد التجاري الذي يعاقب عليه القانون بشكل كبير، لكن تطبيق العقوبة غير مفعّل، ويتبع التاجر الغش بسبب عدم توفر السلعة المطلوبة، ولاسيما في أوقات الأزمات، لكنه غير مبرر، وفي حال عدم وجود رادع أخلاقي وقانوني للتاجر يتمادى في غشه، ويقوم بالغش التجار الجدد أيضاً، لكن ابن الكار الأصلي يحافظ على سمعته، وعدم ضبط الأسواق سبب في تمادي التجار بغشهم، كذلك عدم وجود الرقابة الفعلية، كل ذلك أسباب للغش لخصها لنا كناج.

غذاؤنا غير آمن
لا توجد نسبة غذاء آمن في أسواق طرطوس، برأي كناج، فلم تعد الخيارة خيارة، ولا حبة البندورة كما يجب إثر المبيدات التي توضع عليها فتسرّع نضجها، وتزيد من خطورتها، فلم تعد توجد زراعة طبيعية، حتى التفاح والحمضيات باتا يرشان كثيراً بالمبيدات، كما أن الأكل في المطاعم مغشوش بنسبة 75%، وعلل كناج الأسباب التي تجعل من محافظة طرطوس من المحافظات غير المحافظة على سلامة الغذاء كونها منفذاً حدودياً وبحرياً، وكل المواد المهربة تأتي مغشوشة من تركيا ولبنان!.

تفعيل الأدوات
بالحديث عن وعي المستهلك وتعاونه ومبادرته كعامل حاسم في المساعدة على محاسبة غش التجار، أكد نقيب المحامين عدم وجود ثقافة الشكوى لدى المواطنين الذين يسلمون أمرهم لله، وهم على استعداد بأن يدفعوا ما يترتب عليهم على أن يقدموا شكوى، فأدوات إثبات الشكوى معقدة، وطريقة التحقيق بالشكوى ووسائل إثباتها متعبة للشاكي، ولعدم تجاوب التموين مع المواطن لا يشتكي، وهنا يرى كناج أن ضبط التموين غير فعال، وعلينا أن نفعّل الشكوى ليس فقط بالثقافة وإنما بالأدوات، فالمراقب يجب أن يكون مثقفاً وسريع الأداء، وأن تكون بحوزته أدوات متقدمة، وأن يتم عمل ضبط له قيمة، مؤكداً أن عناصر التموين ليست لهم علاقة بضبط الأسواق لعدم وجود شكوى، والأهم من ذلك أن مراقب التموين متعاون مع التاجر، “ولا يتشاطر ويتقاوى سوى على البائع الفقير”!.

لضبط الأسواق
وفي إطار الحلول الممكنة أوضح كناج الوسائل الناجعة لضبط الأسواق، وذلك بإيجاد قوانين صارمة، وتهيئة المراقبين التموينيين، وتفعيل عملهم بشكل دقيق، على أن تكون مراقبة الأسواق آنية وساعية، إضافة إلى إيجاد طرق بديلة لضبط الأسواق المنفلتة من عقالها، وتبسيط آليات تقديم الشكوى من قبل المواطن، كذلك إيجاد ندوات توعية للمواطن والتاجر الذي لا هم له سوى توفير المال والدولار، وربط الأسعار بالدولار، والأهم هو تعاون جميع الأجهزة: /رقابية، وقضائية، وثقافية/، والمواطن أيضاً للوصول إلى بر الأمان، لافتاً إلى أهمية إيجاد الرادع قبل العقوبة، وليس المهم العقوبة وإنما حماية المواطن من الغش، فالتجار جمعوا ثروات على حساب لقمة عيش المواطن وكرامته!.
إجراءات التجارة الداخلية
المهندس ماهر مرعي، رئيس دائرة حماية المستهلك بطرطوس أفاد أنه منذ بداية شهر رمضان المبارك تم تقسيم المدينة لقطاعات رئيسية وفرعية، كذلك المناطق التابعة لمدينة طرطوس، وخلال النصف الأول من الشهر المبارك يتم التركيز على المواد الغذائية المتداولة، وفي النصف الثاني يتم تشديد الرقابة على محلات الألبسة والأحذية بكافة أنواعها ومسمياتها، إضافة إلى الحلويات، والسكاكر، والموالح، وحالياً يتم العمل بنظام عمل مجموعات رئيسية برئاسة مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومعاونه أو رئيس الدائرة.
وأضاف: يبلغ عدد عناصر حماية المستهلك على امتداد المحافظة 56 مراقباً مقسمين على قطاعات المدينة، إضافة إلى الشعب التموينية التابعة للمديرية، يعمل المراقبون من خلال دوريات خلال فترة صباحية وأخرى بعد الظهر، ويتم التنسيق مع دوريات المناوبة في المديرية على هاتف الشكاوى، وفي حال ورود أية شكوى يتم التنسيق مع دورية القطاع لمعالجتها بشكل مباشر، وبشكل يومي يتم رفع تقرير للوزارة بعدد الضبوط المنظمة: مواد غذائية وغير غذائية، أجور بدل خدمات، مواد منتهية الصلاحية، إضافة إلى مراقبة وتخصيص دوريات نوعية لمراقبة الأفران التموينية بشكل يومي، ودوريات تخصصية على محطات الوقود.

مهيأة للغش
وأردف مرعي: يتم سحب عينات للتحليل من كافة المواد الغذائية المطروحة في الأسواق لبيان مدى مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، وفي حال وجود خلل بأية مادة يتم تعميمها على كافة أنحاء المحافظة والوزارة أيضاً لسحب المادة المخالفة من الأسواق، مشيراً إلى أن مخالفات الخبز بسيطة جداً، مبيّناً أن نسبة سلامة الغذاء في المحافظة 80%، ولم يخف مرعي أن كافة المواد الغذائية المطروحة بالأسواق مهيأة للغش، فاللبن سوقه مفتوحة عن طريق إضافة النشاء والحليب أيضاً، إضافة إلى أن كافة المواد الغذائية تدخل بها ملونات، لافتاً إلى أن طريقة حفظ اللحوم غير سليمة، والعينات التي تم تحليلها ثبت تعرّضها للجراثيم.

ضبوط
وحول العقوبات التي تلحق بالتجار المخالفين، بيّن رئيس دائرة حماية المستهلك أن الضبوط المنظمة هي ضبوط عدلية وعينية، فالضبوط العدلية مختلفة ومتباينة كدفع غرامات في المديرية، وهي عبارة عن 25 ألفاً تشمل كافة الضبوط التي يتم تنظيمها لتجار المفرق لعدم حيازة فواتير للبضائع التي يتعاملون بها، في حين أن الضبوط العدلية لتجار الجملة تتم إحالتها للقضاء المختص، بالإضافة إلى ضبوط المواصفات وما شابه، والضبوط العينية يتم فيها سحب عينات للتحليل، وتتضمن مخالفات جسيمة وغير جسيمة، فالمخالفات الجسيمة تتعلق بالغش بمواصفات المادة، ونقص الوزن، ونقص بطاقة المواصفات، وتاريخ الإنتاج والتركيب، والإحالة إلى القضاء المختص إدارياً تتم عن طريق المحافظ بإغلاق الفعالية المخالفة، وتتراوح الغرامة حسب نوع المخالفة، فالإغلاق من ثلاثة أيام حتى الشهر، وبلغ عدد الضبوط المنظمة من بداية شهر رمضان وحتى 13-5 /140/ ضبطاً عدلياً بمخالفات مختلفة ومتنوعة، إضافة إلى مواد مجهولة المصدر /5/ ضبوط لمخالفات تتعلق بمواصفات المواد من حيث البيع بسعر زائد، وصلاحية المواد الغذائية، وأجور بدل خدمات، وما على المواطن سوى الاتصال على رقم الشكاوى 119، أو على رقم رئيس الدائرة /215971/، لتتم مباشرة إرسال الدورية للتحقق من المخالفة، وضبطها، واتخاذ الإجراءات اللازمة، /حسب مرعي/.
دارين حسن