البطاقة الذكية.. حلول أم مشاكل؟!
أكرم شريم
قالوا لنا أول مرة: إذا أردت أن تحصل على اسطوانة غاز فعليك أن تذهب باكراً جداً، أي أن تكون هناك وتسجل اسمك في الساعة السادسة صباحاً كي تحصل على دور قريب!. وهكذا فعلت.. استيقظت باكراً وخرجت من البيت حيث أسكن قبل السادسة وحين وصلت كانت السادسة صباحاً وسجلت اسمي وكان رقمي (3) بما يعني أنني من الأوائل، وقالوا لي بعد ذلك عليك أن تحضر الساعة الثامنة صباحاً وتستلم البطاقة الذكية!.
حضرت الساعة الثامنة صباحاً ووجدت الازدحام الشديد وحين سألت: قالوا عليك أن تنتظر نصف ساعة أخرى، وانتظرت وبعد ذلك قالوا: لقد بدأوا يوزعون الأرقام وهجم الجميع إلى الداخل مع الصراخ الجماعي العام ومع مد الأيادي والمدافعة، وقد كانت النساء وهذا يحزنني قوله، يصرخن ويتدافعن ويهجمن مع التدفيش الذي لا يضع أي اعتبار لا للأنوثة ولا للنعومة، وبعد ذلك عرفت أن الأرقام القديمة أرقام الساعة السادسة صباحاً، قد ألغيت والآن يوزعون أرقاماً جديدة، ودافعت ودخلت (دافشاً ومدفوشاً) وبين الرجال والنساء الصارخين (الدافشين والمدفوشين) أيضاً حتى حصلت على الرقم الجديد، وهو هذه المرة مكتوب على ورقة صغيرة نظامية!. وحمدت الله وشكرته وقلت في نفسي: اليوم سيصبح لدي اسطوانة غاز!.
وجئنا نحن أصحاب الأرقام الجديدة لكي نحصل على البطاقة الذكية (ذهبُ الزمان الأسود) وبدأ التدافع و(المدافشة) كالعادة، لدرجة صرت أصرخ معها: طالما يوجد معنا أرقام فلماذا (المدافشة)؟!. ويبدو أنني لم أكن أعرف أن الذين معي وينتظرون كانوا يعرفون أكثر مني ولدرجة أن أحدهم قال لي: (صار لي ثلاثة أيام وما قدرت أخذ البطاقة). وقلت في نفسي وقتها: إذا كان الأمر كذلك فالمسألة ليست طبيعية فكيف إذن يمكن أن تصبح طبيعية، وصرت أراقب بدقة واسمحوا لي و(بحنكة) أيضاً، وقد هالني ما رأيت، وذلك لأن الأرقام الجديدة والتي حصلنا عليها وبعد كل هذه (المدافشة) والتدافع والصبر غير النبيل بل الحزين ليست هي الحل، ولا النظام الذي يجري تنفيذه، وذلك لأنهم يصرخون على رقم أو اثنين ولكن يدخل في الوقت نفسه عدد من أصحاب الواسطات، من هم لا أعرف، ولهذا قررت أن أذهب وأحضر واسطة وبالفعل أحضرت واسطة رجوته من مجلس المدينة، وجاء معي، ودخلت من بين المزدحمين والمزاحمين وحصلت على البطاقة الذكية.
وقد قال لي جارنا سابقاً: أنا معي بطاقة ذكية ولا أجد اسطوانة غاز أما الآن فإنها موجودة في كل مكان وبشكل دائم ومستمر، وحتى الازدحام الأول للحصول عليها قد بدأ ينخفض ويهدأ ولكن بشكل منخفض وهادئ!.
وهكذا تكون النصيحة اليوم: النظام النظام، ولا تخرج عن النظام ولو لفائدة لك كي لا يؤسفك ذلك ويحزنك ويبقى في ذهنك طويلاً!.