موسكو: بولتون يصب الزيت على “نار توترات” المنطقة
رأى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن اتهام مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون لإيران بالوقوف وراء تفجير أربع سفن شحن تجارية في ميناء الفجيرة بالإمارات “لا يساعد على تطبيع الأوضاع، بل هو صب للزيت على النار”، وقال: إن كلام بولتون هو فرض رأي قاطع على بقية العالم، مؤكداً أن إيران لا تزال في الاتفاق النووي.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية نفت مزاعم بولتون، لافتة إلى أن هذه الاتهامات نابعة من سياسة تخريبية معادية ضد إيران، ووصف المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية سيد عباس موسوي مزاعم بولتون بأنها “مضحكة”، وقال: “ليعلم بولتون وباقي دعاة الحرب ومثيرو الفوضى أن الصبر الاستراتيجي واليقظة الكبيرة والاستعداد الدفاعي التام للجمهورية الإسلامية المنبثق عن إرادة شعب عظيم ومقاوم سيمنع تحقيق رغباتهم المشؤومة في إحداث فوضى في المنطقة”.
وشدّد ريابكوف على أن التصريحات الأمريكية المعادية لإيران لا تساعد على تطبيع الأوضاع في المنطقة، بل تزيدها توتراً، وأضاف: “نحن ندعو جميع بلدان منطقة الخليج إلى الاهتمام بمهمة إنشاء نظام أمني جماعي، وتعزيز الثقة المتبادلة، وتبادل المعلومات، وإنشاء قنوات اتصال بين العواصم تصب في إطار الفكرة الإيرانية المتمثلة في إبرام معاهدة عدم الاعتداء”.
وشكّك ريابكوف بالتصريحات الأمريكية ضد إيران، مشيراً إلى أن الأمريكيين يصدرون مواقف حول بعض الأحداث تبعاً لأوامر سياسية أو أفكار ضيقة، مؤكداً في الوقت ذاته أن روسيا ستواصل جهودها لتهدئة الأوضاع وعدم المواجهة.
كما لفت ريابكوف إلى أن الإعلان عن نية عدم الالتزام بالسقوف المقرّرة في خطة العمل الشاملة المشتركة لا يمثّل مشكلة بحدّ ذاتها، مؤكداً أن إيران يمكن أن تعيد بسرعة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، وأضاف: “من المهم الحفاظ على الاتفاق النووي بضمانات شاملة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية والبروتوكول الإضافي لهذا الاتفاق بغض النظر عن المصير الذي يصيب خطة العمل الشاملة المشتركة”، وأردف قائلاً: “أما فيما يتعلق بالماء الثقيل، فنعتقد أن الإعلان عن نية عدم الالتزام بالسقوف المقرّرة في خطة العمل الشاملة المشتركة لا يمثّل مشكلة بحد ذاته، ولا تزال إيران داخل خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وأعلنت إيران مؤخراً وقف تنفيذ بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، بعد أن أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق، وفرضت عقوبات اقتصادية جائرة على إيران تتعلق بمنع تصدير النفط الإيراني، وذلك في خطوة تؤكد استمرارها في سياساتها الابتزازية تجاه الدول والشعوب الرافضة للهيمنة والاستغلال.
وفي السياق نفسه، طالب 76 جنرالاً ودبلوماسياً أمريكياً سابقين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانتهاج الدبلوماسية سبيلاً في التعامل مع إيران، وعدم تصعيد الوضع في المنطقة.
جاء ذلك في رسالة أصدرها قادة الكلية الأمريكية للأمن القومي من جنرالات وأدميرالات متقاعدين وسفراء ودبلوماسيين سابقين، حذّروا فيها من خطورة تصعيد الوضع وانعكاسات ذلك على الولايات المتحدة والمنطقة، داعين إلى التواصل والحوار مع إيران واتباع النهج الدبلوماسي للتوصل إلى حل دبلوماسي.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد أمس الأول أن معيار بلاده في التعامل مع واشنطن هو السلوك العملي، وليس تصريحات ترامب والمسؤولين الأمريكيين المتناقضة، وقال: “الطريق للتفاوض لن يكون مغلقاً إن تراجعت أمريكا عن تهديداتها وعن العقوبات والتزمت بالاتفاقات الدولية”.
وتبنى مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه الاتفاق النووي الموقّع بين إيران والمجموعة الدولية بالقرار 2231 عام 2015، لكن ترامب أعلن في الثامن من أيار الماضي انسحاب واشنطن من الاتفاق، وإعادة العمل بالعقوبات ضد طهران.
إلى ذلك، جدّد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي التأكيد على أنه لا مفاوضات مع أميركا لأنه لا فائدة منها، بل فيها ضرر، وأضاف: “نحن لا نتفاوض على مفاخر الثورة، ولا نتفاوض على القدرة العسكرية، فمعنى التفاوض حول هذه المسائل هو صفقة.. أي التراجع عن القدرات الدفاعية”، وأكد أن بلاده تعتبر السلاح النووي حراماً من الناحية الفقهية والشرعية، ولذلك هي لا تسعى إليه، وليس بسبب الولايات المتحدة أو الحظر، وأضاف: “إن البعض كانوا يقولون: فلننتج السلاح النووي، ولكن لا نستخدمه، وهذا القول خاطئ أيضاً لأننا في حينه سننتجه بثمن باهظ ولا نستخدمه، والطرف الآخر يعلم أيضاً بأننا لن نستخدمه، وهو ما يجعله بلا فائدة بالنسبة لنا”.
وشدّد الخامنئي على ضرورة يقظة بلاده حيال خداع الولايات المتحدة للمضي بـ “تكتيك التفاوض في ظل استراتيجية الضغط”، ولفت إلى “الضجيج المثار من قبل الإعلام الأجنبي بشأن مسألة التفاوض”، وقال في هذا السياق: “إننا لا نتفاوض حول أي قضية كانت”، ورأى أن الأمريكيين يستعملون بشكل عام استراتيجية للوصول إلى أهدافهم تتمثّل في الضغط بهدف إرهاق الطرف الآخر، وبعد ذلك يستخدمون التفاوض كمكمل للضغط لتحقيق أهدافهم.
وحذّر الخامنئي من “الانزلاق والخسارة المؤكدة” إذا لم تستخدم بلاده أدوات الضغط المتوفّرة لديها أمام الأمريكيين، وشدّد في هذا السياق أيضاً على أن إيران “تمتلك أدوات الضغط اللازمة أمام ضغوط أمريكا.. وأن هذه الأدوات ليست عسكرية، خلافاً لما يروّجون له، وبطبيعة الحال فإن تلك الأدوات (العسكرية) موجودة أيضاً لو اقتضى الأمر”.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن الإدارة الأميركية “ليست أهلاً للتفاوض”، وأكد أنه على الإدارة الأميركية المبادرة لتعويض العهود التي نقضتها، وتعويض الأضرار قبل الحديث عن مفاوضات، مشيراً إلى أن “الأميركيين يعتقدون بأن المفاوضات هي جزء من عملية الضغط، وليست سبيلاً لحل المشاكل”، وأضاف: إن “الشعب الإيراني على قناعة بأن الأميركيين لا يستخدمون المفاوضات لحل أي مشكلة”، مبرزاً أنهم “يلجؤون قبل المفاوضات إلى استخدام الأدوات الممكنة كافة من ضغوط وحرب نفسية”.
ويأتي ذلك بعد أن أعرب الرئيس الأميركي عن جهوزيته للتفاوض مع إيران “إذا أرادت هي ذلك”.