حوار حول فنجان الهواء
أضحت وسائل التواصل الاجتماعي الأداة الأكثر تأثيرا في بعض الأوساط الثقافية حيث تدار في فضائها سجالات أشبه ما تكون ثقافية وتحولت إلى ساحة مفتوحة يرمي كل مهتم مفرداته فيها وغالبا ما تكون هذه الأفكار المختلطة تفعل فعل التشويش ويغلب عليها طابع الثرثرة والسطحية والاتهام الجاهل، ولا نغفل دور بعض الآراء التفريقية التي تحمل نزعات عدوانية مبطنة وتوزع الكراهية هنا وهناك.. هذا المقهى الالكتروني العجيب من الممكن أن يكون فضاء ثقافياً حقيقياً في حال توفر المادة الثقافية فيه ويكون في الوقت نفسه مرتعاً للكذب والادعاء والجهل، ومن المؤسف أن تصل الأمور عند بعض المتواجدين على الشاشة الزرقاء والمدمنين لهذا الوهم والمجانية أن يظنوا أنفسهم أوصياء على الشأن الثقافي يوزعون الشهادات وبراءات التميز، كما تصل الأمور عند بعض الحمقى منح شهادات “الدكتوراه الفخرية” الممهورة بأختام وتواقيع خلبية، والأكثر حماقة منهم أولئك المغفلين الذين يتفاخرون بكسبهم لهذه الشهادة الكاذبة الممنوحة من جهات شبحية يعيدون نشر هذه الكذبة عبر صفحاتهم، متجاهلين أن الساحة الثقافية والفنية التشكيلية تحديدا محصورة ومعروفة تفاصيلها للذين يعيشون ويساهمون في نتاجها، وبالمقابل هناك رهط من أولئك الذين يضخون زيفهم ظنا منهم أنهم هم الفاعلون، والويل لأي رأي يخالفهم حيث الشتيمة جاهزة والتطاول على المؤسسات الثقافية المعنية، وللأسف أن البعض من التشكيليين يشاركون في هذه المعارك ويدلون بدلوهم سلبا أو إيجابا وينال الثناء أو الذم فكل شيء وارد في هذه المعمعة الغوغائية، حتى أن الأمور وصلت إلى تأليف شكل من العصبيات والشللية، حيث ينتفي حوار القيمة وتحل محله النزعات البدائية الأنانية حيث لا تراجع ولا اعتراف بالآخر وقد وصل الأمر بالبعض إلى أنهم أصحاب مدرسة فنية وتضخمت أناهم بشكل مرضي يعدون “اللايكات” تحت منشوراتهم في نشوة جاهلة لحقيقة الفضاء الالكتروني الأزرق الذي تنعدم فيه الجاذبية وتغيب الحقيقة والوزن النوعي للأشياء.
أكسم طلاع