أخبارصحيفة البعث

لبنان.. عود على بدء

 

 

بعد فترة طويلة من الاستقرار الأمني، الذي شهدته الساحة اللبنانية، ولاسيما بعد تحرير جرود عرسال من فلول “داعش” و”النصرة”، فوجئ الشارع اللبناني بالعملية الإرهابية التي شهدتها مدينة طرابلس ليلة العيد، والتي أدّت إلى ارتقاء أربعة شهداء من الجيش والقوى الأمنية. عملية فتحت باب التساؤلات حول الدوافع لتنفيذها في هذا التوقيت، وهل تأتي في سياق فردي، كما حاول بعض المسؤولين المحسوبين على قوى 14 آذار تسويقها؟، أم هي عملية منسّقة في سياق عمل إقليمي، يهدف إلى زعزعة استقرار الساحة اللبنانية وإشغالها، والاستفادة منها في أماكن أخرى؟.
خلال الحرب الإرهابية على سورية عمدت القوى الضالعة بدعم الإرهاب إلى تحويل مدينة طرابلس إلى وكر للإرهاب، وخزان رئيسي لتجميع الإرهابيين، ونقلهم إلى جبهات القتال في سورية عبر الحدود المتداخلة، ومع تمكّن الجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة من تأمين كامل الحدود اللبنانية والقضاء على إرهابيي “داعش” و”النصرة” ومن لفّ لفهم في تلك المنطقة الحيوية، انكفأ من تبقى من هؤلاء المجرمين إلى داخل المدينة، ومنهم الإرهابي عبد الرحمن مبسوط، الذي سجن وعاد بعد أن تمّ الإفراج عنه بطريقة مريبة، رغم كل السجل الإجرامي الذي يمتلكه، وباتوا، أي الإرهابيين، يبحثون عن القيام بأي عمل يؤدي في النهاية إلى خدمة مشغلهم في المدينة، وربما في الإقليم، ولعل في ظهور الإرهابي المبسوط في صورة مع أحد رموز 14 آذار عند خروجه من السجن واستقباله ما يؤكد ذلك.
أما محاولة تسويق أن ما قام به الإرهابي المبسوط هو عمل فردي ناتج عن اختلال نفسي، فهو مجرد ذرّ للرماد في العيون من قبل المتورطين لحرف الأنظار عن جريمتهم التي خطّط لها بعناية فائقة لتفجير الأوضاع في مدينة طرابلس لاستثمارها في شدّ عصب تيار متهالك مطلوب منه تنفيذ الكثير خلال الفترة القادمة في سياق مشروع إقليمي كبير، الهدف منه نشر الفوضى والخراب في كامل المنطقة، وما الأحداث التي شهدها العراق مؤخراً، إلا دليل إضافي على نية هذا الفريق.
وبالتالي، تصبح الساحة اللبنانية، الرخوة بما تحمله من تناقضات بين التيارات السياسية على اختلاف انتماءاتها، بيئة مناسبة للتفجير، وعدم الاستقرار في لبنان سيكون له تبعات على الملف الرئيسي الذي يعمل على تمريره في المنطقة تحت عنوان “صفقة القرن”.
ولكن رغم التجييش الكبير الذي تحاول قوى الظلام والتكفير بثه والترويج له قبل الحادث الإرهابي وبعده، إلا أن الوعي الوطني والقومي لدى أهل طرابلس خصوصاً ولبنان وقواه الحية عموماً فوّت عليهم الفرصة، بل على العكس جدّدت هذه القوى الوطنية والعروبية تماسكها، ورفضت أن تكون مدينتها مرة أخرى ممراً لعبور قوى الإرهاب والتطرف إلى المنطقة، وأكدت أن لبنان، الذي يحتفي دائماً بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، لن ينزلق إلى زواريب التطرّف مرة أخرى.
سنان حسن