في الذكرى الـ 19 لرحيل القائد المؤسس.. سورية ستخرج مرة أخرى منتصرة
سيبقى العاشر من حزيران، العام 2000، إحدى اللحظات النادرة التي اتشحت فيها سورية بثقل السواد.. لم تودع سورية يومها رئيساً بل قائداً مؤسساً، ولم تبك فقيداً بل أباً ومعلماً ألهم الكبار والصغار، وعلّم الأجيال معنى الشرف والكبرياء، ووضع سورية على الخارطة الدولية عريناً يحسب الجميع له ألف حساب، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منه.
اختزن حافظ الأسد في شخصه وقيادته كل قوة الصراعات التي ميّزت حقبة الحرب الباردة، فكان المستقل الذي يرفض أن يلوذ بالمواقف الرمادية، وكان صاحب السمت الذي يعصى على الانجرار إلى المعارك العبثية والمجانية، والخاسرة سلفاً.. لقد أدرك، وخلال سنوات قليلة، كيف يجعل من تاريخ سورية الحديث مجلّداً ضخماً من الصفحات المأثرة، وكيف يقاوم، ويحارب، على أكثر من جبهة، وأن يصنع امتداداً يبدأ من دمشق ولا ينتهي إلا في قلب كل حر في هذا العالم.
خلال ثلاثين عاماً فرض حافظ الأسد الاحترام على أصدقائه قبل أعدائه بما يفيض فيه من صدق مع الذات، وانسجام كامل مع أرفع المعايير المبدئية والرجولة. عاش زاهداً في محراب الوطنية الصرف، وكرّس عقله وجسده وعافيته لخدمة هذا البلد الذي اختزل في شخصه كل ما في تاريخه من عزّة ورفعة وكرامة، فكان ابن الشعب وكان أباً للشعب، وكان الأمين والمؤتمن، وسوف يبقى السوريون يذكرون ذلك الصوت المدوي الذي يفضح المتآمرين ويمسك جنون المغامرين ويصوّب الحقائق ليعلو صوت العروبة في أعلى درجاته صدقاً وعفوية ونقاءً.
رحل حافظ الأسد ولكنه علّمنا كيف تبقى سورية شامخة عزيزة من بعده، وكيف تخرج من عماد النار أشد قوة ومنعة.. لقد بكى الوطن السوري يومها من أقصاه إلى أقصاه، ولكنه لم ينحن، ولن ينحني، طالما أن الشعلة لاتزال في اليد الأمينة. كل ما هنالك أن سورية السيد الرئيس بشار الأسد إنما تخوض المعارك المؤجّلة، ودفعة واحدة لربما، فأعداء اليوم هم أعداء الأمس أنفسهم، وإن كانوا أشد توحشاً وضراوة وتحشداً، وسورية ستخرج، مرة أخرى، المنتصرة.
البعث