الحرائـــق تلتهــــم مئــــات الدونمــــات الزراعيــــة والحراجيــــة وتســـجل جميعهـــا ضـــد مجهول؟
حماة – محمد فرحة
تشير المعطيات اليومية على أرض الواقع بأننا سنشهد صيفاً ممتلئاً بالحرائق اليومية بلا رادع أو وازع أخلاقي، ملحقة بالغابات الحراجية والمحاصيل الزراعية الخسائر الكبيرة اقتصادياً وبيئياً، محولة بعض مواقعها إلى تصحر حقيقي بكل ما للكلمة من معنى.
فمن المعروف بأن للأرض نظاماً بيئياً متوازناً، ولكن هذا التوازن قد يطرأ عليه خلل يذهب ببعض صفاته أو ببعض عناصره… قد يكون الخلل نتيجة طوارئ طبيعية، كنوبات الجفاف أو غارات الجراد… أو الفيضانات أو السيول، لكن كما نلاحظ أن الخلل الأكبر لدينا مرده في أغلب الأحوال نتيجة فعل الإنسان.
فليس من المعقول نشوب أكثر من خمسين حريقاً منذ مطلع شهر أيار المنصرم وحتى الآن دون إلقاء القبض على مسبب واحد لهذه الحرائق، فعندما ينشب في يوم واحد في مجال محافظة حماة وريفه عشرة حرائق يحار عمال الإطفاء والحراج أين يتجهون وكيف يخمدون هذه الحرائق مجتمعة، وكل منها في موقع واحد بإمكانات بدائية وآليات لا تقوى على دفع عجلاتها.
هذه الحرائق تربك المعنيين وترهق عمال الإطفاء وخفراء الحراج، وتلحق بالاقتصاد الوطني خسائر لا تقدر وخاصة عندما يتعلق الأمر بمساحات مزروعة بمحصول القمح أو الأشجار المثمرة، في الوقت الذي تسجل جميعها في سجلات الشؤون الزراعية ضد مجهول.
بل يستكثر المعنيون في الشأن الزراعي والحراجي ستة عشر ألف ليرة شهرياً لشباب جاؤوا يبحثون عن دخل خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، في الوقت الذي يجب أن يكافأ بمثل هذا المبلغ عند إخماد كل حريق، لكن ما نراه بأن التكريم غالباً ما يذهب لمديرين لا نعرف ما ذا فعلوا وأنجزوا لينالوا شهادات تقديرية ومكافأة مالية لكل منهم قدرها 25 ألف ليرة.
وبالعودة لتفاصيل الحرائق التي طالت مئات الدونمات في يوم واحد فقد ذكر المهندس عبد المعين اصطيف مدير حراج حماة: بأنه نشب في يوم واحد في مجال منطقة مصياف خمسة حرائق، فضلاً عن عدة حرائق أخرى في ريف مدينة حماة، كالموعه ومحيطها راح ضحيتها مئات الدونمات كحصيلة أولية، تضمن الأشجار المثمرة والشجيرات الحراجية الموجودة في هذه المواقع.
وزاد اصطيف: فلولا وجود فرق الإطفاء في مواقع هذه الحرائق لكانت المساحات بآلاف الدونمات، لكن هذه هي الظروف، وعلينا أن نتعامل معها رغم صعوبة الإمكانيات، لكن الرغبة والإصرار على إخماد الحريق هو الفاعل والفعال.
في حين قال مدير عام هيئة تطوير الغاب المهندس أوفى وسوف: إنه في يوم واحد نشب أكثر من أربعة حرائق في مواقع مختلفة في مجال منطقة السقيلبية بالغاب في بلدة عين الكروم ومحيطها وغربها وشطحه وناعور شطحه، مشيراً إلى أن عمال الإطفاء وعناصر الحراج لم يعرفوا طيلة فترة عطلة العيد الهناء. منوهاً إلى أنهم يسهرون ليلاً في الغابات المشتعلة، ويقضون النهار يراقبون أي موقع قد تطاله النار في أي لحظة، رغم ضعف الإمكانيات لدرجة تعرض إحدى عجلات سيارة الإطفاء للاشتعال، فرفض سائقها النزول منها إلى أن تعطلت وتوقفت عن العمل.
وأوضح مدير هيئة تطوير الغاب في معرض إجابته على سؤال ما إن تم حصر المساحات المحروقة والأضرار، بأن الهم والاهتمام الأول يكون في إخماد الحريق ومراقبته لعدة أيام للتأكد من إخماد الجيوب النارية، ليصار فيما بعد إلى حصر المساحات وتقدير الأضرار.
الخلاصة: يشكل عامل الزمن العنصر الأهم في إخماد الحرائق، حيث يسهل من السيطرة عليها وتطويقها، وبالتالي قطع طريقها وعدم إفساح المجال لزيادة رقعتها، في حين التأخير يكون له مردود عكسي تماماً.
إلى ذلك يطالب البيئيون بتشديد الرقابة على الغابات ورفع سقف العقوبات بحق مرتكبي هذه الحرائق، بل لماذا لا يكون لدينا مشروع وطني لصون وتطوير الأراضي المرتفعة في المناطق الجبلية.