“كشف الغطاء”
قد لا تختلف نتائج ومخرجات زيارة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأخيرة إلى حلب عن سابقاتها من الزيارات الحكومية، لجهة تشخيص الواقع التمويني غير المرضي، وتبيان الأسباب المباشرة وغير المباشرة لحالة التخبط والانفلات والفوضى غير المسبوقة التي تشهدها أسواق حلب، واستمرار السيطرة على السوق والتحكم بالأسعار من قبل مجموعات معروفة الهوية، امتهنت وبحرفية عالية استغلال واستثمار الظروف والتحايل على القوانين والأنظمة النافذة، وهذه المجموعات من -كبار وصغار والتجار- نجحت وبفترة زمنية قياسية من بناء امبراطوريات تجارية ومالية كانت وما زالت بعيدة عن عين الرقيب.
وإذا ما أردنا الحديث عن دور جديد وفاعل ( لحماية المستهلك ) والتعاطي الجاد والمباشر مع احتياجات ومتطلبات النهوض التمويني، نجد أن أي خطوة في هذا السياق ستكون منقوصة وغير مكتملة إن لم تستوفِ شروط تحقيق العدالة وحماية المواطن من الجشع والابتزاز والاستغلال، وهنا يستوجب على الوزارة أن تبادر إلى اتباع سياسات عمل جديدة ومقنعة بعيدة عن التنظير، وتدوير الزوايا في معالجة الأزمات والمشكلات اليومية المتعلقة بمعيشة وقوت المواطن، كما تستدعي الحاجة والضرورة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ومشددة فيما يتعلق بحالات التسيب والقصور والترهل في العمل الوظيفي، إلى جانب مكافحة كل أشكال الفساد الإداري والمالي الذي يعشعش في كامل مفاصل منظومة القطاع التمويني، والأهم أن تقترن الأقوال بالأفعال خاصة بما يتعلق بكشف الغطاء عن تجار الأزمات والمتعاونين معهم، ومكافحة التهريب ودعم المنتج الوطني، وأن تتسم الحلول بالجرأة والجدية والواقعية لا أن تكون إسعافية وترقيعية.
ولعل الزيارة وما رافقها من جولات تفقدية على الأسواق وحوارات مباشرة مع المواطنين كشفت ودون أدنى شك وجود مساحات متباعدة بين ما يطرح من حلول داخل الاجتماعات وبين ما ينفذ منها على أرض الواقع، وهي بحد ذاتها معضلة كبيرة وغاية في التعقيد، ومع تزايد الحاجة لجسر هذه الهوة، نتمنى أن تشكل هذه الزيارة على خلاف سابقاتها خطوة على طريق تصحيح مسار القطاع التمويني، وأن تترجم الخطط والبرامج الموضوعة والمنظورة واقعاً ميدانياً ينهي معاناة المواطنين ويخفف من حدة أعبائهم المعيشية اليومية.
معن الغادري