حضـــــــارة مشــــــوهة
عندما نتحدث عن إنجازات العرب في العصر الحديث قد نسمع بأعلى برج وأكبر “مول” وأضخم مدينة سياحية، وقد نسمع بأن أحد الملوك أو الأمراء العرب اشترى قصراً بمئات الملايين في إحدى الدول الأجنبية ليقضي عطلته هناك واليوم نسمع عن ملهى ليلي “حلال” بالمقابل لم نسمع يوماً بأن إحدى الدول العربية الغنية التي يغرقها النفط افتتحت خزائنها لإنشاء أكبر مركز أبحاث، أو أكبر مستشفى للأمراض المستعصية ولم نقرأ عن أكبر وأفضل دار لرعاية الأيتام أو المسنين أو عن مساعدة إنسانية قدمت لدولة منكوبة ينهشها الفقر دون رحمة، لأنه وباختصار الكثير من دولنا تعيش هوس الرفاهية وتعشق ثقافة التباهي التي تتغلغل أكثر فأكثر في المجتمع، والهدف الظهور بمظهر الاستعلاء والتفوق على الآخر، هذه الحالة تتفشى اليوم بين طبقة الأثرياء ومحدثي النعمة من أصحاب الثراء السريع في المجتمعات الفقيرة حيث باتت المنازل الفاخرة والسيارات الفارهة والمشاريع التي تحقق الربح السريع دون النظر لفائدتها للمجتمع هي ما يميز هؤلاء، بينما يزداد من حولهم فقراً وحاجة، يوماً ما كنا كعرب نعيش نهضة في مجالات العلوم والطب وللأسف عقول بعضنا تجمدت عند تلك المرحلة ليصبح شغلنا الشاغل ماذا كنا وماذا أخذ الغرب عنا، نأخذ اليوم بمنجزات التكنولوجيا لنستعملها بأسوأ شكل، ونعيش على الهامش علمياً، ننتظر ماذا يقدمون لنا من أبحاث ووصفات جاهزة نكيف مجتمعنا معها وليس العكس، ربما كان السؤال الأكثر واقعية وأهمية اليوم أين نحن وماذا نقدم للحضارة؟.
جلال نديم صالح