قمة “شنغهاي” خطوة على الطريق الصعب
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع فالداي 14/6/ 2019
اجتمع زعماء دول منظمة شنغهاي للتعاون في بيشكيك في قيرغيزستان (13-14) حزيران 2019، وكان هذا بمثابة أول اجتماع لهم منذ تصاعد النزاع المسلح في كشمير في شباط الماضي، حيث يعتبر قرار إسلام آباد بفتح مجالها الجوي أمام رئيس وزراء الهند إشارة إيجابية.
تقليدياً ، تمت مناقشة بعض القضايا في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمني، ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، والتفاعل والتبادل الثقافي. لكن، في بيشكيك، وبمبادرة من الوفد الصيني، كان التركيز على الاقتصاد. ولم يكن هذا من قبيل الصدفة، لأن بكين تشعر بالقلق إزاء الحروب التجارية التي أطلقتها إدارة ترامب، ليس فقط ضد الصين والمكسيك، ولكن أيضاً ضد حلفائها، الاتحاد الأوروبي وكندا. علاوة على ذلك ، عُقدت القمة على خلفية عقوبات مالية واقتصادية صارمة بشكل غير مسبوق ضد إيران ، وتفاقم العلاقات مع تركيا بسبب شراء الأخيرة لأنظمة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات من طراز S-400، والتوترات الأمريكية الروسية الخطيرة المستمرة. وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ عشية القمة: لم يكن إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون موجهاً ضد بلدان خارجية، لكن الوضع الحالي يجبرنا على النظر في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في إطار عائلة “منظمة شنغهاي للتعاون”.
أدت الأزمة الأوكرانية إلى تفاقم علاقات روسيا مع الغرب بشكل كبير من الناحيتين العسكرية والسياسية، وكذلك فيما يتعلق بالقطاع المالي والاقتصادي. وستكون عواقبها على موسكو أشد وطأة إذا لم تدعم بكين فكرة بناء خط أنابيب طاقة سيبيريا ، ولم تشارك في تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى الأخرى على أراضي الاتحاد الروسي. لكن واقع الحال قدمت الصين في العامين الماضيين ، أنواعاً مختلفة من القروض للهياكل الحكومية والخاصة الروسية والتي بلغ مجموعها حوالي 60 مليار دولار، وبحلول نهاية عام 2018 ، تجاوز حجم التجارة الثنائية 108 مليارات دولار.
لقد حان الوقت الآن لدعم الصين، التي عانت من خسائر فادحة نتيجة الانخفاض الكبير في حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال توسيع إمكانات عبور البضائع الصينية (بما في ذلك عبر طريق البحر الشمالي). لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن التقاء الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوروبية الآسيوية ومبادرة الحزام والطريق الصينية قد أتاحا تجنب الاصطدام المصالح الاقتصادية بين موسكو وبكين في أوراسيا، ويعود الفضل في ذلك إلى منظمة شنغهاي للتعاون، بوصفها منصة لتنسيق وجهات النظر المختلفة، وبشكل أساسي ضمن آسيا الوسطى، وقد انعكس ذلك في الوثائق الختامية لقمة بيشكيك (2019) لمنظمة شنغهاي للتعاون. نتيجة لذلك، ستحصل بكين على الدعم السياسي الذي تحتاجه عشية القمة الصينية – الأمريكية على هامش اجتماع مجموعة العشرين في أوساكا.
العلاقات الصينية الهندية تتطور في اتجاه إيجابي في الغالب، ففي آب عام 2018 ، عُقد في نيودلهي اجتماع تاريخي بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي و وي فنغ خه ، وزير الدفاع في جمهورية الصين الشعبية، وهذا يعني تقارباً عسكرياً في أعقاب التوتر حول هضبة “دوكلام” في صيف عام 2017. وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك تناقضات خطيرة بين الدولتين إلا منظمة شنغهاي تعمل كمنصة لحل التناقضات ذات الصلة.
وعليه، أظهرت قمة منظمة شنغهاي للتعاون في بيشكيك بشكل مقنع بأن دور المنظمة ليس في حل المشكلات الإقليمية فقط ، بل والمشاكل العالمية التي تزداد تدريجياً، كما أحدث انضمام الهند وباكستان إلى المنظمة تغييراً نوعياً، لكن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لتكيف الأعضاء الجدد وتشكيل نواة جديدة لمنظمة شنغهاي للتعاون مع روسيا والهند والصين. لقد كانت قمة بيشكيك خطوة مهمة على هذا الطريق الصعب.