محادثات سورية صينية: زيادة التنسيق للوصول إلى مستوى العلاقات الاستراتيجيةالمعلم: مواجهة الإرهاب الاقتصادي الأمريكي.. وانغ: دعم مواقف سورية العادلة
عقدت في بكين، ظهر أمس، جلسة محادثات رسمية بين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم ومستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، جرى خلالها استعراض مفصّل لمختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وأسس ووسائل تعزيزها في كل المجالات.
وتمّ خلال الجلسة التأكيد على أهمية الاستمرار في تبادل الزيارات، وزيادة التنسيق بين البلدين على كل الأصعدة بهدف الوصول في هذه العلاقات إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية، كما تمّ تبادل الرأي حول تطوّرات الأوضاع في سورية والمنطقة، والجهود الجارية لإحراز تقدّم في المسار السياسي للأزمة في سورية، بالتزامن مع ضرورة الاستمرار في مكافحة كل أشكال الإرهاب، بما في ذلك الإرهاب الاقتصادي، الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من حلفائها على الشعبين السوري والصيني، وكانت وجهات النظر متفقة في كل المواضيع التي تمّ التطرق إليها.
وأعاد وزير الخارجية والمغتربين التأكيد على أن سورية تنظر للعلاقات مع الصين نظرة استراتيجية، وهي ترغب في الارتقاء بها في كل المجالات وصولاً لشراكة حقيقية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن سياسة التوجّه شرقاً، التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد، ومبادرة الحزام والطريق، التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، تعتبران أطراً مهمة للوصول إلى الشراكة المنشودة بين البلدين.
وأعرب الوزير المعلم عن تقدير سورية للدور المهم الذي تلعبه الصين على الساحة الدولية من أجل مساعدة سورية في مواجهة الإرهاب الذي تتعرّض له والعقوبات الاقتصادية الأحادية الجائرة المفروضة على سورية، وكذلك لدورها المهم في بناء المجتمعات وتنميتها، مشيراً إلى أن الحرب على سورية أخذت اليوم شكلاً جديداً أساسه الحصار والعقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى الاستمرار في استخدام الإرهاب، مبيناً أن هذه الحرب هي جزء من حرب واسعة تشنّها بعض الدول والقوى على الساحة الدولية في مواجهة الدول التي تسعى لتحقيق التنمية والسلام أو تلك التي تحافظ على قرارها الوطني المستقل.
وقدّم وزير الخارجية والمغتربين عرضاً لآخر التطوّرات السياسية والميدانية في سورية، مؤكداً استمرار سورية في حربها على الإرهاب دون توقّف وصولاً إلى تحرير كامل أراضيها، وذلك في الوقت الذي تبذل فيه جهوداً كبيرة من أجل التوصل إلى حل سياسي يقرّره السوريون وحدهم، وكذلك من أجل إعادة بناء ما دمّرته الحرب الإرهابية فيها، ومجدّداً الدعوة للصين للمشاركة في عملية إعادة الإعمار، حيث سيتم تقديم كل التسهيلات للشركات الصينية في هذا المجال، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.
بدوره رحّب مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني بزيارة الوزير المعلم، التي جاءت في هذا التوقيت والتي تدل على حرص البلدين على تعميق التعاون الثنائي بينهما في كل المجالات، مؤكداً انفتاح الصين واستعدادها لتعزيز العلاقات مع سورية باعتبار أن صداقة تقليدية تاريخية تربط بين البلدين، ولا سيما أن سورية كانت من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، ومرحّباً بسياسة التوجّه شرقاً، التي أعلنتها سورية، وبمشاركتها في مبادرة الحزام والطريق باعتبار أن سورية تشكّل نقطة رئيسية في طريق الحرير.
وجدّد الوزير وانغ يي موقف بلاده الداعي إلى التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية يقوم على احترام سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، كما دعا كل الدول إلى الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية والامتناع عن فرض مخططاتها وأجنداتها على الشعب السوري، معرباً في الوقت ذاته عن رفض بلاده لكل أشكال الضغوط والعقوبات الاقتصادية التي يمارسها البعض على سورية، حيث تشكّل هذه العقوبات الأحادية تحدياً لمنظومة الأمم المتحدة وعامل تخريب للمبادئ الأساسية في العلاقات الدولية.
وأشار وزير الخارجية الصيني إلى استمرار الصين في تقديم الدعم الكامل لجهود سورية في مكافحة الإرهاب، الذي يجب على الجميع عدم التراخي في مكافحته وإلا سيكون الثمن باهظاً، موضحاً أن سورية دافعت بكل حزم وقوة للحفاظ على كرامتها الوطنية واستقلالها، وأن التاريخ سيثبت بأن الشعب السوري دفع ثمناً باهظاً من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة والدفاع عن مقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
وأكد الوزير وانغ يي موقف بلاده الذي يعتبر الجولان أرضاً عربية سورية محتلة، وأن الصين ترفض أي تصرفات أحادية لتغيير هذا الواقع الذي تنصّ عليه قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن الصين ستستمر في دعم المواقف السورية العادلة في المحافل الدولية، وأيضاً في تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لسورية في كل المجالات.
حضر المباحثات الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين والدكتور عماد مصطفى سفير سورية في بكين ومحمد العمراني مدير إدارة المكتب الخاص في وزارة الخارجية والمغتربين والوفد المرافق للوزير المعلم، كما حضرها من الجانب الصيني تشن شياو دونغ مساعد وزير الخارجية الصيني وعدد من كبار موظفي وزارة الخارجية الصينية.
المعلم: تركيا تحتل أجزاء من الأراضي السورية
وفي مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الصيني، أكد المعلم أن إدلب محافظة سورية، وسيتم القضاء على التنظيمات الإرهابية فيها، مشدّداً على ضرورة خروج كل القوات الأجنبية الموجودة في سورية بشكل غير شرعي، وقال: إن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي يسيطر على معظم مساحة محافظة إدلب، ويتخذ المدنيين دروعاً بشرية، ومن حق وواجب الدولة السورية تخليص مواطنيها من الإرهاب، فهي تحارب تنظيمات اعترف العالم بأسره أنها إرهابية، بما فيه مجلس الأمن الدولي، الذي أدرج “جبهة النصرة” على قائمته للكيانات الإرهابية، وبيّن أن تركيا تحتل أجزاء من الأراضي السورية، متسائلاً: ماذا يفعل الأتراك في سورية، هل يتواجدون لحماية تنظيمي جبهة النصرة و”داعش” وحركة تركستان الشرقية الإرهابية؟!.
وشدّد المعلم على أن مكافحة الإرهاب يجب أن تكون مسؤولية دولية، مطالباً بخروج جميع القوات الأجنبية الموجودة في سورية بشكل غير شرعي، وأشار إلى أن سورية تتعرّض لإرهاب دولي منذ عام 2011 أصاب البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، لافتاً إلى أن الأولوية للمشاركة في عملية إعادة الإعمار في سورية ستكون للدول التي وقفت إلى جانبها في حربها على الإرهاب، وأضاف: إن الإرهاب آفة تصيب المجتمع الدولي بأكمله، وسورية تكافحه على أراضيها بالنيابة عن العالم أجمع، معرباً عن شكر سورية للصين على موقفها الداعم لوحدة الأراضي السورية وسيادة سورية، ومؤكداً أن سورية تدعم بشدة وحدة الأراضي الصينية، وتعتبر إنجازات الشعب الصيني إسهاماً حقيقياً في الحضارة الإنسانية، وهي تريد الاستفادة منه في مجال تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية وفي برامج إعادة الإعمار في سورية.
وجدّد المعلم التأكيد على أن سورية مستمرة بالعمل لإيجاد حل سياسي للأزمة، مع الأخذ بالاعتبار أن مجلس الأمن الدولي أقرّ أن موضوع الدستور هو شأن يخص الشعب السوري وحده، وهو صاحب القرار في ذلك، ويجب على من يتدخل في الشأن السوري وقف تدخله، وأضاف: إن الإجراءات الأمريكية أحادية الجانب المفروضة على سورية تجعلها مع الصين في خندق واحد بمواجهة هذا الإرهاب الاقتصادي الأمريكي المفروض على سورية والصين وإيران وفنزويلا ودول أخرى، داعياًَ إلى الوقوف في وجه هذا الإرهاب، لأنه يخالف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وأسس التعامل بين الدول.
وانغ يي: مواصلة دعم سورية في حربها على الإرهاب
من جهته قال وزير الخارجية الصيني: أجرينا محادثات مكثّفة وتبادلنا وجهات النظر بشكل معمّق حول العلاقات الثنائية بين بلدينا الصديقين، لافتاً إلى أن التوجّه العام للصداقة السورية الصينية مستمر ولم يتوقّف أو يتغيّر، فالصين تحرص على دفع العلاقات الثنائية مع سورية إلى الأمام، وتدعم جهودها في التوصل إلى حل سياسي للأزمة وفي الحفاظ على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وفي محاربتها الإرهاب.
وشدد وانغ يي على ضرورة تسريع وتيرة الحل السياسي للأزمة في سورية عبر الحوار، بالتوازي مع مواصلة مكافحة الإرهاب في إدلب، التي ينتشر فيها إرهابيون يشكّلون خطراً كبيراً، ويجب أن يكون هناك اتفاق كامل بين الدول على مكافحة الإرهاب وحشد القوى لذلك، وتوجيه ضربة قاصمة له، والتخلي عن الغايات السياسية الأنانية.
وجدّد الوزير الصيني رفض بلاده أي خطوة أحادية الجانب من قبل أي طرف خارجي في سورية، مبيناً أن مثل هذه الخطوات تنتهك القانون الدولي، داعياً المجتمع الدولي إلى بذل جهود مشتركة للحفاظ على مصالح الشعب السوري وقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية ومبادئ العدالة والإنصاف في المجتمع الدولي، ولفت إلى أن تسريع عملية إعادة الإعمار في سورية يضمن تحقيق تنمية مستدامة، وأن بلاده ستواصل دعم سورية في هذه العملية، داعياً المجتمع الدولي إلى مساعدة الشعب السوري للتخلص من تداعيات الحرب الإرهابية.