عمـــاد جلــــول: آفــــاق جديــــدة للعمـــــل المســــرحي
من يعرف بدقة ما قدمته مديرية المسارح والموسيقا خلال العامين 2017 و2018 سيلمس أن نهضة مسرحية تشهدها سورية على صعيد الكم والنوع، والفضل بذلك برأي مدير المسارح عماد جلول يعود للجهود الكبيرة التي بذلها الفنانون الذين ما زالوا مخلصين للمسرح.. من هنا فإن أسماء مهمة في مجال المسرح تستعد اليوم لتقديم عروضها خلال الفترة القادمة كالفنانين أيمن زيدان-غسان مسعود-عجاج سليم-مأمون الخطيب-جمال شقير، مؤكداً أن وجود هذه الأسماء الهامة في عروض مديرية المسارح يؤكد أصالتهم وحقيقة انتمائهم للمسرح لأنهم اقتطعوا جزءاً من وقتهم ليجروا بروفات قد تستمر لمدة 45 يوماً وليقدموا عروضاً مسرحية بأجور لا يمكن مقارنتها مع ما يتقاضونه في الدراما التلفزيونية، شاكراً تعاونهم الذي تفتخر به المديرية ولجمهورهم الكبير الذي ينتظر عروضهم بفارغ الصبر، متمنياً من كل المخرجين التعاون مع المديرية بانتظار مساهمات من د.سامر عمران-جهاد سعد-فايز قزق-كفاح الخوص-عروة العربي وكل المخرجين المخضرمين لتقديم عروضهم لأن المسرح القومي يكبر بهذه القامات المسرحية، واعداً بتوفير الإمكانيات المطلوبة بدعم من وزارة الثقافة.
صاحب القرار
وحول تكاليف العروض المسرحية يوضح جلول أن العروض ليست بكلفة واحدة، ولأن المخرج هو صاحب القرار في عرضه فإن المديرية تلبي طلباته حسب رؤيته الفنية للعمل، منوهاً أن العرض وبمجرد ما يصبح بين يدي المخرج أصبح هو المسؤول عن كل تفاصيل تكلفته، والمديرية غالباً ما تتقيد باقتراحاته على هذا الصعيد، ومن الطبيعي برأيه أن تكون تكاليف كل عرض مختلفة عن العرض، فالعروض التي تقدَّم دون ديكور لا تحتاج لميزانيات كبيرة، خاصة وأن الديكور والأزياء هما اللذان يستنفذان التكاليف، مشيراً إلى أنه قد يُقَدِّم نجم مسرحي كبير عملاً مسرحياً غير مكلف لعدم وجود ديكور أو أزياء، وقد يحتاج مخرج من مشروع دعم مسرح الشباب وحسب رؤية المخرج الفنية إلى تكاليف أعلى لتقديم عرضه بالشكل الذي يريده، وهذا ما حدث مع أحد عروض مسرح الشباب، وبالتالي ليس كل عرض مسرحي لمخرج كبير سيكون بالضرورة ذا تكلفة عالية.
تعديل القانون
أما أجور العاملين في المسرح فإن المديرية كما يشير جلول تسعى دائماً لرفعها، وقد نجحت في كثير من الأحيان بعد ارتفاع ميزانيتها، ويأسف لأن هذا الارتفاع لم يشعر به المسرحي بسبب تدني القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن أجر فنان مسرحي مخضرم له باع طويل في العمل المسرحي لن يكون كأجر مخرج يُقَدِّم عمله لأول مرة، مؤكداً أن موضوع الأجور في المسرح سيبقى إشكالياً طالما أننا نقارن دائماً بين أجر الفنان في الدراما التلفزيونية وأجره في المسرح، مبيناً أن الجهود المبذولة في المسرح كبيرة، والمديرية بهذا المعنى ستبقى مقصرة دوماً على هذا الصعيد، لأن مجرد المقارنة بين أجور المسرح وأجور الدراما التلفزيونية سيكون فيها ظلم كبير للمسرح لأن شروط الدراما التلفزيونية مختلفة عن شروط المسرح، فالدراما التلفزيونية تدعمها شركات الإنتاج الخاصة، وهذه الشركات يفتقد إليها المسرح اليوم، ومديرية المسارح أصبحت تقريباً هي الجهة الوحيدة المنتجة للمسرح في سورية.. من هنا يدعو جلول إلى ضرورة تطوير القوانين التي لها علاقة بعمل المديرية، وخاصة ما يتعلق باستقطاب الدعم الخاص وتطوير هذه القوانين من خلال تشجيع التشاركية بين القطاعين العام والخاص، مبيناً أن مديرية المسارح تعمل في الوقت الحالي وفق قوانين العام 1960 وهذا لم يعد مقبولاً، علماً أن المديرية طالبت مراراً بتعديله على صعيد الهيكلية والميزانية والتشاركية مع القطاع الخاص لأن القانون الحالي لا يسمح للمديرية بالتعاون مع القطاع الخاص، مع أن هذا التعاون إن حصل فسيساهم في رفع أجور الفنانين.
المسرح التجاري
ويأسف جلول لغياب المسرح التجاري عن المشهد المسرحي وهو المسرح الذي حقق في فترة من الفترات انتشاراَ كبيراً ويرى أن سبب هذا الغياب ارتباط هذا المسرح بفنانين معينين كفرقة الأخوين قنوع (دبابيس) وفرقة ناجي جبر وفرقة محمود جبر وفرقة المسرح الحر، فهؤلاء الفنانين بأسمائهم الكبيرة كانوا هم المنتجون، متمنياً أن يعود هذا المسرح، مع إشارته إلى أن عروضاً تُقَدَّم بين الحين والآخر على هذا الصعيد، وقد شهد مسرح راميتا مؤخراً عرضاً مسرحياً بعنوان “السيرك الأوسط” للمخرج غزوان قهوجي، داعياً الممثلين الجدد وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لخوض تجاربهم في هذا المجال، والعمل على تنشيط المسرح العمالي والجامعي والشبيبي والشعبي لأن وجود كل هذه المسارح يخلق تنافساً لجهة الكم والنوع، ويكون بوجودها خصوصية لعمل مديرية المسارح والموسيقا على صعيد نوعية العروض التي تقدمها.
التحدي الأكبر
وحول مسرح الطفل والعرائس وتظاهرة فرح الطفولة التي انتهت فعالياتها مؤخرا وقد اعتادت المديرية منذ أربع سنوات على إقامتها يؤكد عماد جلول أن المديرية تحرص على تقديم عروض مسرح الأطفال في دمشق ومعظم المحافظات السورية بشكل دائم، وخاصة في أيام العيد وتقديمها بشكل مجاني للجمهور حرصاً على عدم تكليف العائلة السورية بأية أعباء مالية إضافية، ويسعده أن مسرح الطفل والعرائس تحوّل إلى مسرح للعائلة، وهذا ما تحرص عليه المديرية وتسعى دائما للنهوض به لمواكبة تطور عقلية الطفل وتفكيره في ظل عصر التكنولوجيا والتقنيات، لأن حكايات الأطفال التقليدية استنزفها المسرح الذي يعاني نقصاً في كتّابه، لذلك يبقى التحدي الأكبر في مسرح الطفل برأيه هو النص المسرحي الذي يواكب التطورات التكنولوجية، وهذا ما يضطر غالبية العاملين فيه إلى اللجوء إلى الأدب العالمي الذي يعاني أيضاً من عدم وجود ترجمات حديثة له، ولذلك يدعو مدير المسارح من خلال صحيفة البعث كل المخرجين والكتّاب ومن لديه نص مسرحي عربي أو مترجم أو مُعَد ليتقدم به لمسرح الطفل، واعداً بتلبية رغباتهم وطلباتهم، خاصة إن كانت اقتراحاتهم تصب في خانة تجديد مسرح الطفل وتقديم ما هو جديد، وقد وعدت وزارة الثقافة بتذليل أي عائق يقف في وجه النهوض بمسرح الطفل.
مشروع مفتوح
ويشير جلول كذلك إلى أن المديرية ما زالت مستمرة بدعم المسرحيين الشباب من خلال مشروع دعم مسرح الشباب، موجهاً الدعوة لكل خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ولكل مخرج تنطبق عليه الشروط للمشاركة في هذا المشروع الذي سيثمر في المستقبل مخرجين قادرين على متابعة مسيرة المسرح السوري.
أمينة عباس