ثقافةصحيفة البعث

تاريخ لغـات المشرق العربي القديم.. “اللغات السامية”

يتناول كتاب تاريخ لغات المشرق العربي القديم “اللغات السامية” للدكتور عيد مرعي والصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، تاريخ اللغات القديمة واللهجات السامية وآدابها التي انتشرت في جميع مناطق المشرق العربي منذ الألف الثالث قبل الميلاد حتى القرون الميلادية الأولى كالأكادية والإبلوية والأوجاريتية والفينيقية وكنعانية العهد القديم والآرامية والسريانية ولهجات العرب الشمالية والجنوبية مع عرض نماذج من نصوصها، مبيناً الكتاب مدى ارتباط أو تشابه أو تطابق قواعد ومفردات هذه اللغات واللهجات مع اللغة العربية التي تمثل وعاءً كبيراً انصهرت فيه جوانب كثيرة من هذه اللغات واللهجات، ومن ثم تصبح دراستها ذات فائدة كبيرة لدراسة تاريخ اللغة العربية وقواعدها وآدابها.

صورة مبسطة واضحة
يشير د. مرعي في مقدمة الكتاب إلى أنه صدرت منذ أكثر من قرن من الزمن دراسات كثيرة من لغات المشرق العربي القديم “اللغات السامية” وبلغات أجنبية متعددة كالإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطاليات والروسية وغيرها من اللغات، وتُرجم بعضها إلى اللغة العربية لكن لم تصدر حتى الآن إلا دراسات قليلة جداً باللغة العربية حول هذا الموضوع على أهميته وصلة هذه اللغات القوية باللغة العربية، منوهاً إلى أن عدد الذين تخصصوا بهذه اللغات من العرب قليل جداً بالمقارنة مع عدد المختصين في هذا المجال في الدور الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وإن بعض من يحاول دراسة هذه اللغات القديمة من العرب يتناولها من زاوية تعصبية دون أن يكون لديه إلمام بتاريخ هذه اللغات أو اطّلاع على مبادئها وقواعدها وتصريفاتها، أو يعتمد في ذلك على بعض الروايات والآراء الدينية القديمة التي لا ترتكز على أي أساس علمي، موضحاً د. مرعي أن مثل هذه الدراسات شوهت أفكار القرّاء عن تلك اللغات القديمة التي يمكن القول عنها إنها تمثل جذور اللغة العربية، وإن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل شارك في التشويه كثير من الهواة الذين لا يعرفون شيئاً عن أصول البحث اللغوي والتاريخي فوضعوا مؤلفات أساسها التعصب القومي أو الديني وفرضوها على المستمع أو القارئ أو المشاهد من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ووسائل الاتصال الحديثة المختلفة بما لهم من سطوة ونفوذ، وكانت النتيجة تشويه كل ما هو جميل ومفيد في تاريخنا القديم الضاربة جذوره في أعماق الزمن.. ولكل الأسباب التي ذكرت سابقاً وضع د. مرعي هذه الدراسة معتمداً -كما يوضح- على الدراسات الأجنبية المتزنة والموضوعية والمشهود لها بالنزاهة في كل الجامعات ومراكز البحوث الأجنبية وعلى بعض الدراسات العربية الموثوقة، متوخياً إعطاء صورة مبسطة واضحة عن تاريخ لغات المشرق العربي القديم بناءً على النصوص والوثائق والرسائل المكتشفة هنا وهناك في مناطق المشرق العربي القديم الذي هو بشهادة الباحثين والمؤرخين واللغويين الأجانب “مهد الحضارة ومنطلق معظم الإنجازات الحضارية التي حققها الإنسان منذ نشأته على سطح الأرض، مؤكداً أنه لم يخض في هذه الدراسة في تفاصيل قواعد كل لغة من لغات المشرق العربي القديم لأن ذلك يحتاج إلى جهود عدد كبير من المختصين بهذه اللغات وإلى مجلدات ضخمة وكثيرة، بل آثر إعطاء لمحة موجزة عن تاريخ كل لغة ومناطق انتشارها وزمن استخدامها والوثائق المكتوبة بها والمكتشفة حديثاً مع تقديم نماذج منها مكتوبة بالحرف العربي مقرونة بترجمة لها وإيراد مجموعة من كلماتها.
أمينة عباس