أخبارصحيفة البعث

التصعيد الأمريكي والرد الإيراني الحاسم

 

إسقاط الدفاعات الجوية، التابعة للحرس الثوري، طائرة أمريكية مسيّرة انتهكت أجواء إيران الإقليمية، تطوّر له الكثير من الدلالات في الأحداث المتسارعة في الإقليم، بداية من رد الفعل الإيراني الحاسم، والتأكيد على الجهوزية التامة للتعامل مع أي عمل متهور، مروراً بتنصل الولايات المتحدة الأمريكية بالقول: إن الطائرة أسقطت في المياه الدولية، وليس انتهاءً بالغاية من هذا الاستهداف، ولمصلحة من يصبّ هذا التصعيد الأمريكي.
خلال الفترة الماضية ومع دخول الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع طهران عامه الثاني، سعت الإدارة الأمريكية عبر صقورها بشتى الوسائل لتأجيج الأوضاع في الخليج العربي، ورفع مستوى التوتر مع طهران إلى مستويات غير مسبوقة، في محاولة من الرئيس الأمريكي لدفعها إلى مفاوضات جديدة حول برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية وعقد صفقة معها، حيث مارس جون بولتون ومايك بومبيو تهويلاً غير مسبوق يتعارض أحياناً مع تصريحات مسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية، ومنهم وزير الدفاع بالوكالة المقال باتريك شاناهان الذي أكد عدم الرغبة في الحرب مع إيران، الأمر الذي عدّه الإعلام الأمريكي انقساماً حاداً في الإدارة ذاتها، ومحاولة بولتون وبومبيو بما يمثّلان من وزن كبير لدى اللوبي الصهيوني الداعم لـ “إسرائيل” في الإدارة، الاستفادة من الضغط الكبير الذي يمارسه الرئيس ترامب على إيران لتحقيق مبتغاه، والذهاب بعيداً نحو مواجهة عسكرية مع طهران، مدللين بوقائع لم تحدث سابقاً في عهد أي إدارة أمريكية: “زيارة بومبيو، وهو وزير للخارجية، ولا علاقة له بالجيش إلى مقر القيادة المركزية للقوات الأمريكية، ولقاؤه بالقادة العسكريين، وزيارة هنري كيسنجر إلى البنتاغون”.
وعليه في الوقت الذي يوجد من يلعب بالنار في الإدارة الأمريكية نحو تفجير الأوضاع مع إيران، يبدو أن الرئيس دونالد ترامب، الذي دشن حملته الانتخابية لولاية ثانية في البيت الأبيض، وبعد الرد الإيراني الحازم بالأمس، يرى في إبرام صفقة كبرى مع أمراء الخليج وجني المزيد من المليارات من الدولارات أفضل انتصار يقدّمه لجمهوره الشعبوي قبل موعد الانتخابات الرئاسية، وخيار الحرب في هذا التوقيت قد يكلّفه خسارة الولاية الثانية.
في المقابل تبدو طهران واثقة أكثر من أي وقت مضى من قدراتها السياسية والعسكرية، وما الرد الحاسم لحرس الثورة إلا رسالة على أن التهديدات والتهويل لن يحققا أي شيء، ولن يدفعاها إلى تقديم أي تنازلات، فهي بموجب الاتفاق النووي نفّذت كل ما عليها من التزامات، وما على الأطراف الأخرى تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق، وإلا فهي في حل من كل ذلك.
وبالتأكيد فإن الانجرار نحو المواجهة مع إيران لن يكون نزهة، كما يعتقد البعض من حكام الخليج و”إسرائيل”، فأي اعتداء سيكون ثمنه غالياً جداً وتبعاته لن تتوقّف على المنطقة فحسب، بل على العالم بأسره.
سنان حسن