جعجعة بلا طحين
ترجمة: البعث
دعا ترامب إلى وقف العمليات في إدلب، وهو الذي كان يتفاخر أثناء الانتخابات الرئاسية، العام 2016، بأنه “سيقضي على جحيم الإرهابيين في سورية”. حقاً إنها مناشدة غريبة، لأن إدلب الآن هي معقل الجماعات الإرهابية المحظورة دولياً، ولا سيما جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، ومن حق الجيش العربي السوري محاربة المتطرفين الذين يقومون بخرق اتفاقات وقف إطلاق النار وشن هجمات على المناطق المدنية الآمنة، وعلى القاعدة الجوية الروسية في حميميم.
ولابد من الإشارة إلى أن عمليات الجيش السوري لاستعادة إدلب هي استكمال لعملياته العسكرية لتطهير ما تبقى من الأراضي السورية من رجس الإرهاب، وقد تزامنت مع ظهور أدلة جديدة على الدعم العسكري الدولي الهائل – وإن كان سرياً – إلى مختلف المجموعات الإرهابية خلال سنوات الحرب الثماني، فقد عثرت الحكومة السورية مؤخراً على مستودعات أسلحة في ريف دمشق ودرعا اشتملت على كميات كبيرة من المدافع الرشاشة الثقيلة وبنادق القنص وصواريخ تاو الأمريكية الصنع، والكثير من الأسلحة الإسرائيلية الصنع، كما تم العثور على أطنان من المتفجرات البلاستيكية من طراز C-4، أمريكية الصنع.
وبطبيعة الحال، هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها العثور على مخابئ ضخمة للأسلحة الأمريكية والإسرائيلية وأسلحة الناتو في الأماكن التي كانت في السابق تحت سيطرة الإرهابيين في سورية، فقد تم العثور سابقاً على كميات هائلة من الأسلحة شملت أيضاً مواد كيميائية مصنوعة في ألمانيا والسعودية، والتي يمكن إنتاج السارين والمواد شديدة السمية منها، الأمر الذي يؤكد وجود دعم لوجستي عسكري عال وخبرة تقنية لدى الجماعات الإرهابية.
لقد ثبت بالأدلة القاطعة أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو و”إسرائيل” والأنظمة العربية في السعودية، وقطر قامت بتسليح المجموعات الإرهابية المحظورة دولياً بشكل ممنهج، وتشير الكميات الكبيرة من الأسلحة إلى وجود منظمات دولية وعالمية وراء ذلك، وليس مشتريات عشوائية من تجار الأسلحة.
عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها على إيصال كميات كبيرة من الأسلحة من خلال طرق التهريب من تركيا والأردن وإسرائيل، وقد تكفلت دول الخليج بدفع الفاتورة، وقامت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات البريطاني بإدارة الخدمات اللوجستية وتدريب الإرهابيين على استخدام الأسلحة.
كانت سلسلة توريد الأسلحة غامضة بما فيه الكفاية لتجنّب إشراف الكونغرس الأمريكي والبرلمانات الأوروبية، لكن المؤكد أن واشنطن وحلفاءها قاموا بتسليح المنظمات الإرهابية بهدف الإطاحة بالحكومة السورية، ولهذا السبب لا يتمتع الرئيس ترامب وغيره من القادة الغربيين بأي سلطة أخلاقية على الإطلاق تخولهم التبجح بتوجيه مطالبات لوقف إطلاق النار في إدلب، حيث تواجه الحكومة السورية مؤامرة إجرامية دولية لتدمير البلاد، وكانت واشنطن ودول الناتو الأخرى متواطئة تماماً في حياكة تلك المؤامرة ودعم المجموعات الإرهابية بكافة الوسائل، كما عملت وسائل الإعلام الغربية كحملات دعائية للمشروع الإجرامي بأكمله، بالاحتفاء بالإرهابيين على أنهم “أبطال حرية” بغية التشويه الإعلامي المشين لإنجازات الجيش السوري في محاولة لإظهار هزائم الجماعات الإرهابية على أنها “جرائم حرب”، في الوقت الذي تجاهلت وسائل الإعلام الغربية نقل الصورة الحقيقية لفرح المواطنين في المناطق التي تم تحريرها من الإرهابيين المدعومين من الغرب.
أصبح واضحاً أن ما وصلت إليه سورية ليس إلا نتيجة مباشرة لقيام الدول الغربية بتنفيذ مخطط إجرامي قبل سنوات من بدء الحرب في العام 2011. ولا يمكن لأي كان أن ينكر حق الدولة السورية القانوني والمعنوي في إنهاء هذه الحرب من خلال التغلب على آخر معقل للجماعات الإرهابية المدعومة من الخارج، والتي تستهدف المناطق الآمنة، وتقوم بانتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار مع الحكومة السورية بشكل متكرر.
لقد أصبح جلياً أن مخاوف ترامب الزائفة بشأن المدنيين في إدلب ليست إلا كذبة من خلال تضليل وكالات مخابراته التي كانت ترعى سراً الجماعات الإرهابية وعملاءها من “الخوذات البيضاء”.