الصفحة الاولىصحيفة البعث

سياسات الولايات المتحدة غير المتزنة تضع العالم في بيئة صعبة

يشهد العالم اليوم العديد من التغييرات غير المسبوقة: الحرب التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة، والبريكست، وأحادية واشنطن وسياستها غير المتزنة، فإلى أين يتجه نظامنا العالمي الحالي؟ وهل ستكون هناك تغييرات في القوانين الدولية؟ وما الذي يجب على الدول فعله للحفاظ على نظام دولي مستقر؟ يجيب عن ذلك ثلاثة دبلوماسيين خلال المنتدى الإعلامي الأوراسي السادس عشر الذي انعقد في آلماآتا بكازاخستان.
يرى جورج غالاوي، العضو السابق في حزب العمال، والإعلامي والكاتب، أنه ستكون هناك سياسة تجارية فظة تناسب النخبة في الغرب، وأن الصين لها الحق الكامل كدولة ذات سيادة في البحث عن مصالحها وسياساتها، وكذلك الولايات المتحدة. لكن عليهما أن تفعلان ذلك مع الانتباه إلى أن الإمكانات المخيفة للحرب التجارية والتي قد تصبح حرباً حقيقية أمر خطير بشكل واضح.
الولايات المتحدة لا تتحرك نحو حرب مع الصين. سيكون ذلك فعلاً أحمق للغاية. لكن الولايات المتحدة ربما تنطلق نحو حرب مع إيران، ويحذّر غالاوي من أن الحرب ضد إيران قد تكون مقلقة أكثر بمئة مرة وأخطر من الحرب على العراق، لذلك يدعو إلى التعقل، وإلى إجراء مفاوضات مناسبة بين دولتين عظميين ذاتي سيادة، والولايات المتحدة والصين يجب أن تضعا في الاعتبار أن قوت الشعوب قد لا يُسرق فحسب، بل قد يتم قلب مائدة الطعام بأكملها.
أما مارك سيجل، نائب مساعد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، فيقول: إن أحد الأشياء التي يتعين مواجهتها اليوم هو حساسية إدارة ترامب تجاه التعددية، والابتعاد عن الاتفاقيات والقانون الدولي. على سبيل المثال، كانت هناك تقارير تفيد بأن ترامب سيعفو عن مجرمي الحرب الأمريكيين، فما نوع الرسالة التي توجّه بمثل هذا الإجراء إلى العالم، أو إلى شباب أمريكا بشأن الثقة واحترام القانون؟.
أعتقد أنه كان نفسه مع الاتفاق مع إيران. رأينا ذلك مراراً وتكراراً، وإذا نظرنا إلى السياسة الخارجية الأمريكية نجد أن الرئيس ترامب انعزالي، ومستشاره للأمن القومي من أنصار التدخل أحادي الجانب. لا توجد عملية لصنع القرار في البيت الأبيض، لأن الرئيس ترامب يصنع السياسة من خلال النزوات، أو عبر تويتر، ومن دون عملية تطوير الأفكار الاقتصادية أو العسكرية أو السياسية، ومن الصعب للغاية على العالم التعامل مع مثل هذه البيئة، والثقة بالولايات المتحدة. لماذا يجب على أي شخص التفاوض مع الولايات المتحدة إذا كان من المحتمل نسف أي اتفاق؟ لماذا يجب على كوريا الديموقراطية التفاوض مع الولايات المتحدة وقد سبق لإيران أن أبرمت صفقة تم إلغاؤها؟ هذا ما أعنيه بعدم الاتساق.
بينيتا فيريرو فالدنر، دبلوماسية وسياسية نمساوية، رئيسة مؤسسة “يورو أمريكا”، تقول: إننا نمر بتحول جيو سياسي، وجيو اقتصادي، وجيو تكنولوجي جديد، وترى أن ما قالته السياسية الإيطالية فيديريكا موغيريني كان على حق: سيادة الغاب قد تسود على سيادة القانون. القانون الدولي القائم على القانون هو أساس كل شيء. إذا كنا نتصرف خارج القانون، فسنواجه صراعات ونزاعات، وفي النهاية قد نشهد حروباً. يقول البعض: إنه يتعيّن علينا التخلص من النظام الدولي، لكننا نقول: إنه يتعين علينا تغييره وإصلاحه. لذلك – برأيها – ينبغي لبريطانيا أن تبقى داخل الاتحاد الأوروبي، ولابد أن يكون هناك استفتاء ثانٍ، وربما ستكون هناك فرصة لبريطانيا للعودة.
وهي ترى أن أوروبا لا تريد حرباً تجارية مع الصين: “نود أن نجد حلاً من خلال المفاوضات. لدينا متسع عالمي متساوٍ للجميع. في الواقع، الولايات المتحدة والصين منافسان استراتيجيان، والصين تقريباً قوة عظمى. قد يكون هذا الأمر صعباً على الولايات المتحدة، لأنها كانت تسيطر على العالم بعد الحرب العالمية الثانية. الاتحاد الأوروبي دائماً مجتمع يفضّل السلام، ونريد أن نتجنّب مصيدة ثيوسيديدس الصينية الأمريكية. وبالتالي، نحن بحاجة إلى وجود قادة أقوى في أوروبا التي تحتاج المزيد من الوحدة، والطريقة الفعالة لمعالجة الأمور هي إصلاح الاتحاد الأوروبي. يجب أن تكون أوروبا صارمة وواضحة، لكن يجب ألا تخوض حرباً تجارية.
عناية ناصر