“تصحيح المسار”
وعود كثيرة أطلقها وزير التربية خلال زيارته المفاجئة إلى حلب لجهة تطوير المناهج والعملية الامتحانية وتحسين الواقع التربوي بشكل عام، فيما لو أخذت طريقها إلى التنفيذ، فبالتأكيد ستسهم في تصحيح مسار العملية التعليمية ليس في حلب وحسب، بل على مستوى المنظومة التربوية والتعليمية في سورية.
ومع خروج الزيارة عن مألوف الزيارات السابقة وما رافقها من قرارات إعفاء لعدد من العاملين في تربية حلب من مهامهم لأسباب تمس النزاهة والإهمال والتقصير في العمل، ثمة الكثير من الأسئلة لم تنجح الزيارة في الإجابة عنها، وهي تخص طبيعة العمل والمهام المنوطة ببعض المفاصل الحساسة والتي أثير حولها الكثير من اللغط والجدل سابقاً، والتي تركت فراغاً واضحاً في العمل التربوي، ومساحة واسعة وفضفاضة لاستغلال العمل الوظيفي، وتفشي حالات الفساد الإداري والمالي لدى بعض ضعاف النفوس بمختلف اختصاصاتهم وخاصة ما يتعلق منها بعمل المجمعات التربوية وملف التعينات والتنقلات وغيرها من التفاصيل والجزئيات التي هي على تماس مباشر مع احتياجات ومستلزمات وأدوات العمل التدريسي والكادر التعليمي في كافة تصنيفاته وفروعه.
وأمام هذا الكم من الملفات العالقة، هل يمكننا القول إن زيارة وزير التربية إلى حلب، وما صدر عنها من قرارات متوقعة، نجحت بالمقدار الذي تتطلبه الحاجة الماسة إلى تنظيف الجسم التربوي بحلب من الأخطاء والشوائب والمنغصات، أم أننا سننتظر حزمة جديدة من القرارات الجريئة والحاسمة لتصحيح مسار العملية التربوية والتعليمية في المحافظة مدينة وريفاً.
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما استجد على الساحة التربوية في حلب، هو ما مصير عشرات القضايا والملفات -قيد التحقيق- التي ما زالت في عهدة مديرية الرقابة الداخلية في الوزارة ومضى عليها أكثر من عامين، وهل حان الوقت للكشف عن تفاصيلها وعن المتورطين والفاسدين، أم أن المسالة تحتاج إلى زيارة ثانية بحجم وثقل زيارة الوزير الأخيرة إلى حلب، لحسم الأمور ميدانياً.
خلاصة القول: العملية التربوية والتعليمية في حلب ليست على ما يرام، وتحتاج إلى إعادة نظر وفق آليات تشخيص واقعية ومنطقية ومدروسة بعيداً عن المحسوبيات والولاءات الشخصية، كما تحتاج إلى رؤية جديدة تعيد لهذه المنظومة التربوية بمضمونها -الأخلاقي والإنساني والاجتماعي- هيبتها ووقارها وهو ما وعد به الوزير، فهل ستشهد العملية التعليمية تغييراً حقيقياً في الشكل والمضمون، وهل ستشهد حلب زيارات مشابهة للوزراء لتصحيح مسار العمل المؤسساتي في باقي القطاعات؟!
معن الغادري