وشاءت الأقدار..!
ما حدث في حلب تكرر مؤخراً في مدينة حمص، ولكن دون.. ضحايا..! انهارت جدران وكتل ضخمة من أبنية طابقية عالية على شارع الحميدية الرئيسي، ولم يكن ذلك مفاجئاً لا للسكان ولا للجهات الإدارية المسؤولة في محافظة حمص على مختلف متدرجاتها ومسمياتها..! ما لفتنا عبارة “وشاءت الأقدار عدم حدوث أي أضرار أو خسائر بشرية ومادية..!”.
وهي عبارة دقيقة؛ لأن الشارع يشهد حركة سير خانقة، وبالتالي لا يمكن تفسير عدم حدوث كارثة إلا بعبارة: وشاءت الأقدار..! ولكن هل تعفي “وشاءت الأقدار” الجهات المعنية بإزالة الأخطار عن الناس من مسؤوليتها…؟
لعل شيئاً لن يتغير على هذا الصعيد لو أدت الانهيارات إلى وقوع ضحايا بشرية.. أليس هذا ما حدث تماماً في مدينة حلب..؟ المشهد الروتيني نفسه يتكرر فور حدوث الكارثة: حضرت الجهات الرسمية، وتم قطع الطريق وإيقاف حركة المرور إلى حين انتهاء الإجراءات المطلوبة..! ترى ما هي هذه الإجراءات..؟!
هل ستقوم الجهات المسؤولة باستنفار آلياتها واستئجار المزيد منها من القطاع الخاص لهدم الأبنية الخطرة والمهددة للسلامة العامة..؟ اللافت أن الجهات الرسمية في حمص -مثل حلب- ليس لديها إحصائية دقيقة للأبنية الخطرة، وهذا يعني أنها مقصرة ولم تقم لتاريخه بإجراء مسح دقيق وشامل للأبنية الخطرة..!
والأخطر من ذا وذاك أن هذه الجهات في حمص وحلب غير جادة بإزالة الخطر عن السكان..!
وإذا كانت الإمكانات لا تسمح بإزالة الأنقاض.. فهل هناك استحالة بهدم الأبنية الخطرة قبل أن تنهار فجأة على رؤوس السكان والمارة.. أم ماذا..؟!
وإذا كانت الأقدار شاءت ألا تسقط الأنقاض على المارة وتتسبب بضحايا كما حدث في حلب.. فهذا لا ينفي تسببها بأضرار جراء سقوطها على أبنية مجاورة كانت قابلة للترميم، أو على سيارات قيمتها بالملايين..! المثير.. حدث انهيار في شارع الحميدية عام 2015، وهذا يؤكد أن الجهات الرسمية في المحافظة “نائمة في العسل” منذ أربعة أعوام دون أن تشعر بالكوارث القادمة، ولو فعلتها لما سقطت كتل إسمنتية لاحقاً شاءت الأقدار ألا تتسبب بوقوع ضحايا بشرية أو مادية.
لا نستغرب أن تشكر الجهات الرسمية الحمصية عكس الحلبية الأقدار؛ لأنها أنقذتها من نقمة الناس، وخففت من غضب الجهات الوصية عليها وسؤالها: لماذا لا تهدموا الأبنية الخطرة..!
بل ربما لأن الجهات الوصية متراخية وغير معنية أيضاً بما يحدث لم تلزم الجهات الرسمية في محافظتي حلب وحمص بإغلاق ملف الأبنية الخطرة الآيلة للسقوط، والتي تهدد السلامة العامة..!
بالمختصر المفيد: إن إسراع الجهات الرسمية بإزالة الكتل من المباني التي شهدت انهيارات يؤكد أن الإمكانات متوفرة لرفع الخطر عن الناس..! وفي حال عدم توفر الآليات والمعدات فإن على الجهات الوصائية التعاقد مع شركات متخصصة بإزالة الأنقاض وخاصة مع ما تبقّى من شركات إنشائية.. فهل هذا مستحيل أم ستبقى هذه الجهات تعتمد على “مشيئة الأقدار”.
علي عبود