شادي مراد: أجدادي من ضحايا المجازر العثمانية
لم يستسلم رغم تعرضه لإصابات أثناء خدمته في الجيش، وتم أسره وتحريره ثم التحق بقطعته العسكرية وتسرح في بداية هذا العام، فهو خريج كلية الاقتصاد إلا أن شغفه في الحياة هو الفن، إذ بدأ كهاوٍ منذ ست سنوات، وعاش في ظروف جعلت منه إنساناً بأربع مهام “كاتب ومصور ومخرج ومنتج”، فحقق عدة أفلام قصيرة اشتغلها لوحده وأغانٍ تحكي عن حب الوطن. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن أعماله ومشاريعه المستقبلية كان هذا الحوار مع الفنان شادي مراد إذ قال:
لدي عدة أعمال بسيطة تحكي عن وطننا سورية، وعن تعايشنا الإنساني بعيداً عن أي رؤية طائفية، وبدايتي في مجال الفن كانت عندما قدمت منذ سنتين لمبادرة (UN) فيلماً بعنوان “لم الشمل” أنجزته بكامله لوحدي وكتبت له أغنية أيضاً، قُدمت بأربع لغات: عربي، سرياني، كردي، أرمني، غناء عبود فؤاد، ميس حنا، وكبرئيل ملوح، وجفان رشكو، ويعقوب أوهانيان، وعزف كريست ميكائيليان وماسترينغ مروان شلمي، وصُوِر في مدينة القامشلي وسُجلت الأغاني والموسيقى التصويرية في أستوديو “دريمز” وهو من تمثيل داؤود جرجس وأورشينا جرجس وهادي الحسن وعزيز رهاوي، تدور أحداثه بين ثلاث شخصيات محورية “من انتماءات مختلفة يعيشون في حارة واحدة بعلاقة وطيدة يزورون الكنائس والجوامع سوية، وأراضيهم الزراعية متلاصقة. وفي أحد الأيام أكل الغنم من أرض الجار، وعند تكرار الحالة هجمت أخت صاحب الأرض على جاره وعلا الصراخ بينهم فتستنجد بأخيها الذي يقوم بإطلاق الرصاص عليه، فيأتي جارهم ليخلص بينهم، ويقوم بتأنيب صاحب الأرض على فعلته فكان الرد برصاصة أخرى، ليذهب الجميع إلى المستشفى، وبعد فترة تبدأ مرحلة الثأر بين الجيران من حرق وضرب وتهديد، فيقوم الأهالي بإبعاد الأولاد والهجرة خارج البلاد لتقليل خسائر الدم وهدم علاقة الأخوة بين الجيران، ويفشلون في البحث عن عمل وتبدأ معاناتهم، وفي ليلة من ليالي الغربة يشاهدون خبراً عاجلاً عن مدينتهم التي تتعرض لهجوم عنيف وتطلب المؤازرة فيهرعون لتلبية نداء الوطن والدفاع عنه، وبعد انتهاء المعركة يجتمع المختلفون في ليلة باردة أمام نار أشعلوها ليتدفئوا عليها، وتبدأ رحلة الذكريات من الطفولة إلى الكبر، فيقول صاحب الأرض التي تسببت بالمشكلة: “سيدنا يسوع المسيح علمنا أن نسامح أعداءنا فكيف لا أسامح أخوتي وجيراني الذين تربيت وعشت معهم أجمل أيام حياتي” ويأتيه الجواب من جاره المسلم: “ونحن أيضاً أوصانا الرسول الكريم بسابع جار، وأنا سأسامحك من أجل الوطن”، وينتهي الفيلم بالعناق وتبدأ الأغنية المستقاة من الفيلم. وأعتبر هذه التجربة مفصلية في حياتي لأني بدأت كهاوٍ.
قصص واقعية
ويضيف مراد: قدمت أيضاً عدة أفلام قصيرة تشجع على العودة إلى الوطن، وأهمها فيلم مدته عشر دقائق بعنوان “راجعين” يحكي عن عائلة اغتربت في الحرب، تأتي لزيارة البلد، وعندما تجده متعافياً تقرر العودة للعيش فيه.
وبعد تفجيرات القامشلي التي استهدفت الأحياء المسيحية قدمت فيلم “سورية بدنا نعمرها” يتحدث عن المقارنة بين الماضي والحاضر والحياة الجميلة وكيف أصبحت الشوارع فارغة والمحلات مغلقة، فتسود حالة من الكآبة إلى أن يأتي صوت ويحث الشباب على النهوض مجدداً فيخرجوا ومعهم أطفال في خطوة لتسليط الضوء على أن جيلهم والأجيال المقبلة سينهضون من جديد ويذهبون إلى أحد المطاعم المتفجرة ويضيئون المكان بالشموع ويرسمون قلباً معلنين بصوت واحد “سورية بدنا نعمرها”.
كذلك كتبت في أول الأزمة عدة أشعار وطنية، وأول عمل صورته كان بعنوان “سورية بتبقى أم” الذي يحكي عن مجازر العثمانيين بحق السريان والأرمن، وكان عملاً طوعياً حباً لوطني ولأرواح شهدائنا الأبرار الذين استشهدوا ومازال موكب الشهداء مستمراً، وأنا شخصياً أجدادي من ضحايا المجازر العثمانية.
أيضاً قدمت أغاني عدة منها “شمس حياتي” مهداة لروح الفنان الكبير جان كارات وبعدها كليب “ساكن في الروح” وأيضاً كليبين بعنوان “قصة حب، وراجعلك ندمان” للفنانة راما حنا وكبرئيل ملوح، وآخرها كان كليب “تركنا أوطاننا” الذي قمت بتصويره في مدينة حلب القديمة وجاء هذا الكليب بعد انقطاع لمدة عام ونصف بعد رحيل والدي، وعملت كمعد ومقدم برنامج أسبوعي بعنوان “من القامشلي”، يهدف لإظهار القامات المنسية والحاضرة في القامشلي من شخصيات فنية ورياضية واجتماعية.
الفن رسالة
وعن حبه وعشقه للفن قال شادي مراد: كان حلمي في أيام الجامعة دراسة التمثيل ولكن بسبب الحرب لم أستطع دخول المعهد العالي للفنون، فأنا اعشق الفن لأنه يحمل رسالة هادفة تبني أجيال المستقبل.
جمان بركات