النفخ في قربة “الاتحادات”
في هذه المناخات التي تضج فيها الحركة الاقتصادية بخناق العقوبات وزلزال سعر الصرف وغليان الأسعار، وترنح المستهلك المأسوف على قدرته الشرائية، جاء دور الحكومة بدورها “المختار” لتجمع الجميع على طاولة الحوار والتشاور تحت عنوان عريض قوامه “سياسة جديدة ناظمة للتعاون بين الفريق الحكومي والاتحادات…” ترمي “إلى اجتراح الحلول الاقتصادية للتخفيف من الأعباء المعيشية التي فرضتها العقوبات الاقتصادية..”.
طبعاً تكلل الاجتماع بمناقشة الجهود المشتركة لدفع العملية التنموية في كافة القطاعات الاقتصادية التجارية والزراعية والصناعية والحرفية والسياحية، وضمان المساهمة الفاعلة لهذه القطاعات في تحقيق التنمية المتوازنة وتجاوزها للصعوبات التي تعترض تنفيذ الخطط الوطنية الموضوعة وفق الأولويات المعتمدة. إلا أن الجديد الذي بدا على خطاب رئيس الحكومة هو الدعوة لتقديم الرؤى حول الإجراءات الحكومية الواجب اتخاذها لاستنهاض كافة مقومات القطاع الخاص بشفافية للوفاء باستحقاقات المرحلة الراهنة في دعم الاقتصاد المحلي وتحصينه من الأزمات المفتعلة… في إشارة علنية لتكثيف الانفتاح على القطاع الخاص، وتقديم المحفزات اللازمة للتخفيف من القيود التي فرضتها العقوبات الاقتصادية عليه، وإشراكه بشكل جدي في اتخاذ القرارات الاقتصادية، حتى لو بقالب النقد والتصويب.؟
ومع أن سؤالاً محيراً مفاده كيف يتم التعويل على فعاليات واتحادات نوعية في هذا الزمن العصيب، إذا كان أكثرها شهرةً وصيتاً وحراكاً “اتحاد المصدرين” في عداد الأموات..؟ يؤكد رئيس الحكومة على الدور الحيوي والهام للاتحادات في إدارة الاقتصاد الوطني، وكونها شريكاً فعلياً في صنع القرار الاقتصادي، في وقت شدد على أهمية أن يحرص القائمون على الاتحادات على تمثيل مصالح قطاعاتهم بالشكل الأمثل، والسعي لتطوير هذه القطاعات بالتنسيق التام مع الوزارات والجهات العامة المعنية.
وإذا كان مطلوباً من الوزارات المعنية التنسيق مع الاتحادات لوضع رؤية عمل مشتركة تمكن من دعم التصدير والاستيراد والاستثمار والإنتاج خلال المرحلة الراهنة لمواجهة الصعوبات وتوفير متطلبات مرحلة إعادة الإعمار… كيف سيتم تحقيق ذلك بغياب اتحاد المصدرين – الذي نحن لا سابقاً ولا الآن بصدد الدفاع عنه – في وقت تخاذل عنه أكثر المطبلين والمزمرين لأيام إنجازاته الفردية والمؤسساتية..
بالعموم الكل متفق على ضرورة إجراء تقييم مراحل العمل السابقة من عمل الاتحادات لتلافي الثغرات الحاصلة، ووضع أسس عمل أكثر فاعلية للمرحلة القادمة تمكن من التأسيس لمرحلة جديدة تعزز ثقافة العمل الجماعي والتعاون بين القطاعين العام والخاص… فهل تحمل اجتماعات القادمات من الأيام أملاً بحضور ميمون لاتحادات بعضها ميت والآخر مكرسح، ومنها المغيب والغائب وجزء “لايهش ولاينش”.؟!
علي بلال قاسم