صفقة القرن .. وما العمل؟.
د. صابر فلحوط
سيمر زمن ليس بالقصير، تتفجر فيه الخناجر، وتتحطم المنابر غضباً، وتلتهب الأكف بالتصفيق إدانةً لجريمة العصر – صفقة القرن – التي أظهرت أمريكا الجزء الطافي من جبل الجليد الذي عمره من عمر المأساة الفلسطينية، والجرح العربي الأعمق والأخطر..
يقيني أن “صفقة القرن ” لم تبدأ مع ترامب وابن سلمان، ولن تنتهي في البحرين ورقصة العميان على جثمان القضية.،!! فلقد بدأت إرهاصات الصفقة في مدينة بال في سويسرا عام 1897، يوم أعلن الصهيوني العتيق تيودر هرتزل عن ولادة الوطن القومي لليهود في فلسطين بعد خمسين عاماً وبدأ الصندوق القومي اليهودي يجمع المال ويبتز الدول، ويستخدم عبقرية المرابي الشهير على امتداد تواجد العنصرية الصهيونية لتهيئة المناخات تحضيراً للمأساة الكبرى عام 1948…
فقد كتب السياسي والكاتب نجيب عازوري عام 1904 يقول: على الأمة العربية أن تهيئ نفسها لمواجهة موجة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين والذي لا مثيل له في التاريخ، ولن يكون له شبيه في المستقبل.
ثم جاء الأسودان، والأخطران- وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو- لتقسيم بلاد الشام وضمان فلسطين للتاج البريطاني تمهيداً لتسليمها إلى الكيان الصهيوني عندما تكتمل الخطة والمؤامرة..!
ويوم كانت النكبة الكبرى 1948 سبقتها أكذوبة اختراع الجامعة العربية في مزرعة انشاص في مصر برعاية ومباركة الملك فاروق، وإخراج وإبداع بريطانيا، حيث كان من أفظع وأبشع قراراتها تنصيب الملك عبدالله ابن الحسين قائداً للجيوش العربية التي امتشقت دماءها وإرادتها وعزمت على مواجهة الصهيونية في أول حرب عربية ضد العدو الغازي..، ومن الغرائب والعجائب في تاريخ الصراع، أن الملك قائد الجيوش العربية للتحرير كان يستعرض الجنود صباحاً أمام المصورين ويسهر الليل مع بن غوريون وكولدمائير. واسحق شامير وغيرهم من قادة العدو.
أما دور الرجعية العربية النفطية، والسعودية بخاصة، فتوضحه مآلات القضية وشعابها ونكساتها التي قادت إلى صفقة القرن التي نحصد شوكها، دماً وقهراً هذه الأيام، والتي تجلت في محاولة اغتيال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وهو يعلن تأميم قناة السويس، والتآمر لضرب طائرته في سماء سورية، وهو في الطريق إلى دمشق لتوقيع ميثاق الوحدة السورية المصرية، وقيام الجمهورية العربية المتحدة أعظم الإنجازات القومية في القرن العشرين،. أما تآمر نواطير النفط العربي في إحداث نكبة الانفصال، وإصابة الوحدة في مقتل، ودفع العدو لنكسة حزيران 1967 فهي شواهد مكتوبة في تاريخ الوطن بأحرف من دم، ودمع، ونار وكلها تشي باكتمال ولادة صفقة القرن إضافة إلى ما سيأتي.
أما خروج السادات من معركة العرب في تشرين 1973، وهي في عز بطولاتها وانتصاراتها، وزيارته للقدس، وتقديمه النيل، والأهرام، وتراث عبد الناصر هدية لأمريكا وصديقه هنري كيسنجر فهي حقائق صبيغة بدم القضية إلى الأبد.
ولعل ثالثة الأثافي، وأخطرها في ميدان القضية وتاريخها هي ما سمي بالربيع العربي الذي جمع فيه لصوص العالم ومجرموه من أكثر من 135 بلداً وهم الذين عقدوا أول اجتماع لهم في تونس، للإجهاز على سورية العربية تراثاً وتاريخاً، وأمجاداً قومية. وقد كانت سورية بجيشها العقائدي وشعبها الباسل، وقيادتها العبقرية في إدارة المعركة بالسياسة والسلاح كفيةً لخلع أنياب الإرهاب التكفيري الوهابي النفطي حيث حققت من الانتصارات ما يخلدها على مر الزمان، فقد خاضت الحرب الوطنية العظمى ضد الصهيونية وعملائها وخدمها فوق كل شبر من سورية وبدهي أن قاتلت فوق أرضها أعداء فلسطين وقضيتها المقدسة إيماناً منها أن سورية هي الجزء الشمالي من فلسطين، كما فلسطين الجزء الجنوبي من سورية، على حد تعبير القائد الخالد حافظ الأسد يوم سأله الأمريكي كلنتون قائلاً: (هل مازلتم في سورية بعد كامب ديفد، ووادي عربة – وأوسلو، تقولون إن فلسطين هي الجزء الجنوبي من سورية).
فأجاب سيادته 🙁 نزداد اقتناعاً كل يوم في سورية أن بلدنا هو الجزء الشمالي من فلسطين وأن القدس والجولان في القلب.) لا أعتقد أن الإعلان عن صفقة القرن والتطبيع وزيارات العار المتبادلة مع العدو، وورشة البحرين الجريمة التي أحرقت كل البراقع على الرؤوس والوجوه والوجدانات، كل ذلك كان مفاجئاً أبداً لمن يعرفون أبجدية الصراع العربي الصهيوني، أما السؤال المفتاحي الأهم في هذه الأيام هو: ما العمل؟.
لقد أجابت عن هذا السؤال عشرات المرات أحداث تاريخنا العربي حيث جاء في مقدمة البيان الأول للثورة السورية الكبرى التي كنست الاستعمار الفرنسي:..
يقولون وجهُ السيف أبيضُ دائما
فما ابيًّض إلا وهو أحمُر بالدم
فإن يك دفُع الشر بالخير حازماً
فما زال دفُع الشرِ بالشرِ أحزما
كما أجاب عنه الشاعر القومي الذي رافق انتصارات الشعوب على أعدائها عبر التاريخ
ألا إن حقاً لم تؤيده قوة
فذلك في شرع السياسة باطل
فلم تبسط كفاك للحق طالباً
إذا لم تفجر من يديك القنابل
فإن اخوتنا الفلسطينيين شركاء في اقتسام رغيف الدم والهم والقلق على القدس، وفلسطين من بحرها إلى نهرها تؤكد ثقتنا غير المحدودة بقدرتهم على ابتداع وسائل الانتفاضة الكبرى التي أراها قريباً رداً على خنوع الأنظمة العميلة الزاحفة على البطون والذقون أمام الصهيونية وأمريكا ووسائلهما، كما إنهم قادرون على استيلاد سبل المواجهة من الحجر والمقلاع، والخنجر، والبالون حتى الصاروخ والطائرة وغيرها.
وإن محور المقاومة، وقلبه سورية العربية المدعوم من الأصدقاء، والأشقاء، وشركاء الدم في المقاومة الوطنية اللبنانية، وأحرار الأمة، لا يمكن إلاّ أن يكون الأنموذج في الصلابة والعزم والتضحية والفداء معكم دعماً وإسناداً على مختلف المستويات وفي جميع الميادين. حتى النصر والتحرير.
وسيدرك البقرة الحلوب وصاحبه ترامب أن صفقة القرن سيجعل منها أبطال الانتفاضة المتجددة في فلسطين سحابة صيف في سماء المنطقة التي اختبرت موجات الغزاة على مر القرون،. وكلهم دحروا وبقيت الأرض والمقدسات يحميها رجالها الذين عقدوا قران أعمارهم مع الخلود في رفرف العز والكبرياء..
تحية للقابضين على جمر القضية في فلسطين شمالها وجنوبها ونقول لدراويش ورشة البحرين التي جعلوها بالونات اختبار لصلابة أبناء القضية الفلسطينية، ما قاله الشاعر القومي فيهم:
ومدعين سياسات مراوغة
هم للشكوك على الإيمان أنصار
شجبُ الطغاة لديهم سفُر ملحمة
غلافه ورق جم ودولار
توضح الأمر لا لبس ولا شبه
ولا وسيط فعبدان وأحرار
أردوغان يتخذ إجراءات للحد من صلاحيات رئيس بلدية اسطنبول!
بعد هزيمته الموجعة أمام مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، في انتخابات بلدية اسطنبول الكبرى، اتخذ معسكر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أول إجراءاته للحد من صلاحيات مديرها الجديد.
وأصدرت وزارة التجارة التابعة لأردوغان قراراً يقضي بسحب صلاحية تعيين مدراء الشركات المرتبطة ببلدية اسطنبول من رئيسها، ونقلت وسائل إعلام أن صلاحية تعيين مدراء هذه الشركات الكبيرة، وعدّدها 30، أسندت إلى المجلس البلدي، الذي يستحوذ تحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم على أغلبيته.
وأثار هذا القرار جدلاً واسعاً في أوساط حزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، حيث اتهم أعضاؤه العدالة والتنمية، الحزب الحاكم في تركيا بزعامة أردوغان، بإعاقة عمل الفائز برئاسة بلدية اسطنبول الكبرى.
وعدّت المعارضة هذا القرار “أول عصا حكومية في دواليب عربة” إمام أوغلو، وأضافت: إن قرار وزارة التجارة يخالف نص المادة 37 من قانون البلديات، والتي تنصّ على أن العمدة هو ممثل الكيان القانوني للبلدية، وبالتالي رئيس البلدية له الحق في تعيين مدراء الشركات المرتبطة بالبلدية. وجرت يوم 23 حزيران انتخابات معادة لإدارة بلدية اسطنبول، فاز فيها مرشح حزب الشعب الجمهوري بعد إلغاء لجنة الانتخابات العليا نتائج التصويت السابق في 31 مارس، والتي أظهرت أيضاً تقدّم إمام أغلو أمام منافسه من الحزب الحاكم، بن علي يلدريم.
وحصل إمام أوغلو نتيجة التصويت الجديد على 54.2 بالمئة من أصوات الناخبين، في تقدّم أكبر مما كان عليه في الانتخابات الملغية، وتولّى رسمياً أمس صلاحيات مدير بلدية اسطنبول، التي تعد الأكبر في تركيا.
واحتشد مئات آلاف الأتراك أمام مبنى بلدية اسطنبول في تظاهرة شعبية كبيرة لتبارك للمرشح إمام أوغلو المنتخب للمرة الثانية رئيساً لبلدية المدينة.
وقال إمام أوغلو في كلمة أمام المحتشدين: “إن انتصار اسطنبول هو انتصار لإرادة الشعب التركي في عموم البلاد ومن أجل الديمقراطية والجمهورية”، داعيا إلى النضال “ليس فقط من أجل اسطنبول جديدة بل من أجل تركيا حرة ديمقراطية تحترم إرادة الشعب”.
وسيتولى إمام أوغلو مهامه لخمس سنوات مقبلة كأول رئيس بلدية معارض بعد بقاء إدارة المدينة في يد حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002.