إيهــــاب المرادنــــي: الموســــيقا التصويريــــة اختصـــاص صعــــب
رغم ميله للموسيقا والعزف على آلة العود منذ صغره إلا أن أهله لم يشجعوه خوفاً من أن يؤثر ذلك على تفوقه الدراسي، ولكن عندما تكون الموهبة حقيقية لا يستكين صاحبها ويظل متمسكاً بها.. من هنا أكد المؤلف والملحن الموسيقي إيهاب المرادني أنه استمر يعزف على آلته ويدندن ويلحن من باب التسلية حتى مرحلة دخوله للجامعة ودراسته في كلية الهندسة المدنية، حيث أدرك عبر مشاركته في إقامة الحفلات الجامعية وفي المسرح الجامعي أنه يملك موهبة حقيقية من الضروري تطويرها، لذلك درس على يد الفنان إبراهيم إبراهيم المقامات الموسيقية لمدة ثلاث سنوات، كما طوّر مهاراته على آلة العود وقراءة النوتة بحيث أصبح يلحن على قاعدة علمية ومعرفية.
400 إعلان
ينتمي المرادني إلى عائلة فنية، فوالده راغب المرادني أحد مؤسسي فرقة الإذاعة والتلفزيون ولم يشجعه إلا حين اطمأن على مستقبله بدخول الجامعة وتفوقه فيها، فاستفاد من خبرته الموسيقية معترفاً أن تجاربه في المسرح الجامعي خلال فترة دراسته بين 1989–1994 جعلته يكون اسماً جعل مخرجاً مثل فواز جابر يطلب منه التعاون في مجال كتابة سيناريوهات الإعلانات، فألَّف نحو 400 إعلان تلفزيوني قام بتلحين بعضها، مشيراً المرادني إلى أنه كان يشاهد يومياً ما مقداره 3 ساعات من الإعلانات الأجنبية والعربية للاطّلاع على تجارب الآخرين ليس بهدف التقليد وإنما لمعرفة إلى أين وصل الآخرون في تجاربهم لتقديم الأفكار الجيدة ضمن الإمكانيات، وإلى جانب وجود ناس لديهم خبرة إعلانية وتسويقية يدرسون طرق التسويق والبيع للترويج، والشريحة المستهدفة (العائلة والطفل) من قبل اختصاصيين عاشت الإعلانات عصرها الذهبي في بداية التسعينيات وتحولت إلى أغانٍ على لسان الناس لأنها كانت تقوم على فكرة مدعمة بشكل بصري، أما السبب الأهم الذي خدم الإعلان في تلك الفترة برأيه فهو عدم وجود قنوات فضائية، لذلك كان الإعلان الجيد يشاهَد من قبل كل الناس، مبيناً أن النجاح الكبير الذي حققته الإعلانات في تلك الفترة شجع كثيرين على الدخول إلى هذا المجال بهدف الربح بعد أن كان العمل فيها مقتصراً على أربع وكالات إعلان، فازداد العدد ليصبح نحو 200 شركة إعلان ودعاية، الأمر الذي أدى إلى تدنى مستوى الإعلان، لذلك وفي العام 1999 وجد مرادني نفسه ينسحب من هذا المجال، طامحاً إلى دخول عالم الدراما.
جائزة أدونيا
بعد أن لمع اسم المرادني في مجال الدعاية والإعلام بدأ يطمح إلى دخول عالم الدراما، وقد تحقق ذلك على يد المخرج يوسف رزق حيث عرض عليه كتابة وتلحين بعض الإعلانات لشركته التي كان يملكها، وحين أحب أسلوبه في الكتابة وطريقة تفكيره عرض عليه إنجاز الموسيقا التصويرية لمسلسله “رقصة الحبارى” وقد رفض في بداية الأمر إلا أن ثقة رزق وتشجعيه الكبير له جعله يقدم على هذه الخطوة بعد أن التزم بتوجيهاته الدرامية، فكانت “رقصة الحبارى” ورشة عمل حقيقية أدخلته إلى عالم الدراما، خاصة وأن العمل حقق جماهيرية كبيرة منحتْه ثقة كبيرة للاستمرار في هذا المجال الصعب، فتابع المرادني مسيرته مع رزق، فأنجز شارات مسلسلاته “وردة لخريف العمر-مخالب الياسمين” مبيناً أن نجاحه في هذه الأعمال فتح له الطريق للعمل مع مخرجين آخرين، فأنجز شارات “حروف يكتبها المطر- أعيدوا صباحي” مشيراً إلى أن مسلسل “حاجز الصمت” العمل الذي يحتل مكانة مميزة في مسيرته للمخرج يوسف رزق وهو العمل الذي حصل فيه على جائزة أدونيا كأفضل موسيقا تصويرية، ليتعامل بعد ذلك مع المخرج سمير حسين في “أسير الانتقام-قاع المدينة-حائرات-ليل ورجال-بانتظار الياسمين” وكذلك مع فهد ميري في مسلسل “بلا غمد” ومع محمد وقاف في مسلسل “وهم” ومع رشاد كوكش في مسلسل “غفوة القلوب”.
مسبقة الصنع
يعتمد الكثير من المخرجين وشركات الإنتاج على تقديم الشارة بأصوات نجوم، وإيهاب المرادني يؤيد ذلك ويبرره لأن الاعتماد على هذه الأصوات المعروفة يساهم في نجاح الشارة، وبالتالي العمل ككل، خاصة إذا كانت الشارة من روح العمل وتلامس مقولته، وبالتالي فإن وجود النجم يشكل إضافة حقيقية لشارة العمل، منوهاً في الوقت ذاته إلى المطبات التي يقع فيها مؤلفو أو ملحنو الموسيقا التصويرية، ولعل أهمها برأيه التكرار والتشابه، موضحاً أن هناك خيطاً رفيعاً بين التكرار والبصمة (الهوية) لذلك فإن البحث عن كل ما هو جميل ضرورة وحاجة، وهذا يتم من خلال الاستمرار في الاستماع لتجارب الآخرين بعيداً عن التقليد، فالاطلاع على تجارب الآخرين يعني الاطّلاع على أساليب جديدة ومعالجات مختلفة، كما يجب على الملحن برأيه أن يستعين بموزع موسيقي في كل عمل من أعماله، فالمرادني مثلاً يتعامل مع أكثر من موزع موسيقي ولا يتقيّد بأحدهم لأن هذا التعدد والتنوع ينجي الملحن من أي تشابه ممكن، وأسف المرادني لأن بعض الملحنين يلحنون في أوقات فراغهم ألحان فرح أو حزن وما أن يعرض عليهم مسلسل من المسلسلات حتى يستعينوا بهذه الألحان مسبقة الصنع دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة وخصوصية المسلسل.
اختصاص صعب
وفي ظل تعدد الأعمال الدرامية التلفزيونية رأى إيهاب مرادني أن المنافسة في مجال الموسيقا التصويرية هي أقل بكثير من أي مجال آخر، والسبب أنها اختصاص صعب، فليس كل ملحن قادر على الدخول في هذا المجال، فالمؤلف الملحن الموسيقي في الموسيقا التصويرية يجب أن يقرأ السيناريو وأن يكون لديه معرفة بالمونتاج والتصوير والتمثيل ومطلعاً على برامج حاسوبية معينة وعلى العديد من العمليات الفنية المعقّدة التي تحتاج إلى خبرة ومعرفة، لذلك ما زالت الأسماء التي تعمل في هذا المجال معدودة وتتكرر.
ودخل المرادني عالم المونتاج بعد عمله بالدعاية والإعلان في بداية التسعينيات، وفي العام 2000 أصبح مدرباً معتمداً في مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني على أجهزة المونتاج.
أمينة عباس
حبيت