أيهما أسهل .. الاستقلال أم التبعية؟؟..
د. مهدي دخل الله
إهانة ترامب الشهيرة للملك السعودي يقابلها احترامه الواضح للزعيم الكوري … كيم جونغ إيل..
إهانة الملحق في السفارة الأمريكية في عمان لرجال الأعمال الأردنيين…
إهانة وزير الدفاع القطري لنفسه وبلده باسم ترامب عندما قال: إن الرئيس الأمريكي يستطيع أن يحل الإشكال القطري السعودي بالهاتف، أي أنه ليس مضطراً لإرسال وزير خارجيته، يكفي الهاتف..
إهانة ترامب للملك الأردني عند زيارته الأخيره لواشنطن قبل عام، حيث لم يستقبله الرئيس الأمريكي إلا بعد رجاءات مكرورة ورفض مكرور..
أما الزعيم الكوري، فعلى الرئيس ترامب أن يأتي إلى سنغافورة كي يقابله.. وبعد ذلك إلى الخط بين الكوريتين، أي على الأرض الكورية نفسها، والأكثر من ذلك أن ترامب خطا خطوتين إلى أرض كوريا الشمالية مخترقاً بذلك ليس الحدود فحسب، وإنما تكبّر أمريكا واستعلاءها كله..
كنت مرة في وفد زار هذا الخط الذي يعد الأخطر في العالم، والذي يقسم شعباً واحداً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأتذكر أنه خط إسمنتي بارتفاع عشرة سنتميترات وعرض ثلاثين سنتمتراً …فقط.
قفزة ترامب فوق هذا الخط هي قفزة فوق المستحيلات كلها. إنها دليل على أن العنجهية الأمريكية يمكن قهرها، وثمن قهرها باهظ جداً، لكنه أقل من ثمن التبعية..
في القرن الماضي كان هناك من يقول “إغضاب الامبريالية أسهل من إرضائها” كان هذا ربما نوعاً من الشعر أو المبالغة، وأعذب الشعر أكذبه، لكن تجربة سورية وكوريا وإيران – وهي دول صغيرة – تؤكد أن الأمر يتعلق بالواقع وليس بالشعر. نحن ندفع ثمناً باهظاً لإغضاب الامبريالية لكنه – على ارتفاعه – أقل من الثمن الذي يدفعه التابعون..
تصوّروا – مثلاً – أن يطلب ترامب لقاء ملك من الملوك التابعين، فيجيب الملك حسناً، لكننا سنلتقي في سنغافورة أو جنيف أو فيينا؟؟.. ماذا سيحصل عندها بهذا الملك المسكين؟؟..
تتذكرون أن وزير الخارجية الأمريكي كان يأتي إلى دمشق، وينتظر في الشيراتون يومين دون أن يُستقبل في القصر الجمهوري، ثم يغادر مثلما أتى، وتتذكرون المقابلة الشهيرة بين الرئيس الأسد ووزير الخارجية الأمريكي باول قبيل الحرب على العراق، من كان المترجي ومن كان الرافض.
وتتذكرون أن كيسنجر، ملك العرب غير المتوّج، قال للمرحوم الرئيس حافظ الأسد: نحمد الله يا سيادة الرئيس أنك لست رئيساً لدولة عظمى.. كنت قد دوخّتنا!..
سورية دولة صغيرة … لكنها دوخّتهم!..
mahdidakhlala@gmail.com