نظرة إلى داخل إدلب
ترجمة: البعث
عن موقع غلوبال ريسيرتش 29/6/2019
لطالما كانت إدلب محافظة زراعية صغيرة، لكن الإعلام الغربي قام بتضخيمها إلى أبعاد هائلة. هناك 34 مستشفى في إدلب، ومع ذلك نسمع عن عشرات المستشفيات التي تعرّضت للضربات الجوية. الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS) هي مجموعة مؤيدة للجماعات الإرهابية مقرّها في واشنطن العاصمة، وتمولها الحكومة الأمريكية. (SAMS) خدمت فقط في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الإرهابي، حتى أن هناك وحدة تابعة لـ (SAMS) تُسمّى “وحدة MASH خاصة بتنظيم القاعدة”.
سان أنطونيو هي مقر مقاطعة بيكسار في تكساس. يبلغ عدد سكان المقاطعة نحو 2 مليون نسمة، وهو ما يعادل محافظة إدلب في سورية. لو أن جماعة إرهابية مسلحة، بتمويل من أعداء الولايات المتحدة كانت تحتل المقاطعة وتحتجز السكان المدنيين كرهائن، ماذا سيكون ردّ شريف المقاطعة والجيش الأمريكي؟.. هل سيستمع الرئيس الأمريكي لنصائح رئيسي كندا والمكسيك بضبط النفس ووقف إطلاق النار، والسماح للإرهابيين بتلقي المزيد من الأسلحة والتعزيزات عبر الحدود؟..
كان السكان الأصليون في محافظة إدلب، اعتباراً من آذار 2011، مزارعين تقليديين، وتجاراً بسطاء. كانت الزراعة أكبر صناعة هناك، حيث إنها موطن لبعض من أجود أنواع الزيتون والفستق. قبل الحرب، احتلت سورية المرتبة السابعة في العالم في إنتاج زيت الزيتون، ولعبت محافظة إدلب دوراً رئيسياً فيها.
ومع بدء الحرب على سورية، فرّ الكثير من سكان إدلب إلى مناطق آمنة. قالت أم أحمد إنها ذهبت للنوم ليلة واحدة في منزلها في إدلب، ومع اقتراب الفجر، سمعت مكبراً صوتياً يبلغ الجميع بأن جبهة النصرة سيطرت على المنطقة. نهضت وأمسكت محفظتها وتوجهت إلى اللاذقية. في الواقع يحكي لك معظم الناس القصة نفسها: “لقد هربنا بثيابنا فقط لأننا كنّا متأكدين من أننا سوف نعود في غضون أيام قليلة”.
لم يغادر الجميع، فقد قرّر البعض محاولة الاستفادة من الوضع السيئ، ومحاولة الانتظار، وهذه العملية الذهنية هي التفكير نفسه الذي يواجهه الناس قبل الإعصار. هم كانوا على استعداد لتحمّل الوضع على أمل أن ينتهي قريباً، وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية. لكن الأيام تحوّلت إلى سنوات، وعلى طول الطريق، أصبح العيش في ظل الإرهابيين أكثر صعوبة بعد أن احتلوا كل بيت فارغ، وتدفق الآلاف من الإرهابيين إلى المنطقة من تركيا. هم أرادوا كل شيء، كان لديهم أسلحة وكانوا قتلة بدم بارد، لقد كانوا “جيشاً” وكان من غير المجدي التفكير في القتال ضدهم من قبل السكان المحليين. لقد تجمّع الآلاف من الإرهابيين المسلحين وزوجاتهم وأطفالهم في إدلب، هم جهاديون متشدّدون متحالفون مع “القاعدة”، وفي بعض الحالات مع “داعش”. لم يكن أي منهم من المتمردين المعتدلين، وجميعهم تمّ تمويلهم ودعمهم من قبل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، ودول الخليج.
لقد توافد بعض السكان الأصليين مع الإرهابيين لأنهم اتبعوا أيديولوجيتهم الراديكالية. ربما كانوا الأكثر حظاً، حيث يمكنهم قبول الإرهابيين كـ “إخوان” والتكيّف مع نمط حياتهم. وهم لاحقاً تمّ توظيفهم كوكلاء من أجل تقديم تقارير تفصيلية عن جيرانهم الذين تعرضوا للجلد أو الاغتصاب أو التشويه.
إدلب اليوم مليئة بالأجانب الذين ليس لهم صلة بإدلب، وتدرك الحكومة الصينية وجود نحو 5000 مواطن صيني في إدلب، كما تشمل قائمة الجنسيات في إدلب العالم الغربي وأفريقيا وآسيا. وللمفارقة تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن عودة “الإرهابيين” لأنهم يتعرّضون للهجوم من قبل الجيش الشرعي الوحيد في سورية وحليفها الروسي. الرئيس فلاديمير بوتين قال منذ زمن بعيد: “إنه سيقاتل الإرهابيين سواء في شوارع سورية أو في شوارع موسكو، لأن الجهاد العالمي ينتشر، ويمكن أن يصل في يوم واحد إلى شوارع الولايات المتحدة”.