مؤشــــــــــــــــــــراتها الماليـــــــــــة تثيــــــــــــــــر الجــــــــــــــدل! “السوريـــــة للتجـــــارة” على محـــك تصويــب مســــار عملها وفـــــق خطط مدروســــة
دمشق – محمد زكريا
مؤسف ما وصل إليه حال المؤسسة السورية للتجارة، من وقوعها في انحرافات وإخلال في تطبيق النظم المالية والمحاسبية الخاصة بها، إذ لا تزال المؤسسة تعمل ومنذ زمن تأسيسها، وفق القيد الافتتاحي السنوي، بعيداً عن تقديم ميزانية مالية سنوية، تظهر من خلالها الإيرادات الفعلية والنفقات، الأمر الذي عمق من خسائرها التي تجاوزت 40 مليار ليرة سورية، إلى جانب مواد منتهية الصالحية بقيمة 200 مليون ليرة سورية، يأتي ذلك في ظل ما تمتلكه المؤسسة من إمكانات مادية ومعنوية تخولها بأن تكون من أكبر المؤسسات التجارية على مستوى الوطن العربي؛ إذ لديها أسطول كبير من السيارات الشاحنة، إلى جانب وجود أكثر من ألف منفذ بيع موزعة على كامل الجغرافيا السورية، إضافة إلى امتلاكها لعدد كبير من العقارات، التي يمكن الاستفادة منها دون اللجوء إلى وضعها في الاستثمار، مع وجود عدد كبير من وحدات التبريد التابعة للمؤسسة، فضلاً عن وجود جيش من العاملين الذين وصل عددهم إلى قرابة خمسة آلاف عامل، ناهيكم عن تلقي المؤسسة لدعم غير محدود من الحكومة.
ويشير بعض المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى أن المؤسسة ومنذ تأسيسها حملت تركات مؤسسات ثلاث نتيجة الدمج، والأمر الذي زاد الطين بلة – كما يقولون – هو عدم قدرة الفريق الإداري السابق للمؤسسة من التحكم والسيطرة على عمل المؤسسة، في إشارة واضحة منهم إلى تدخل بعض التجار في عمل المؤسسة الذي أصبح يدير المؤسسة وفق مصالحه، ونوه هؤلاء بالوقت ذاته إلى وجود أكثر من بعثة تفتيشية حالياً تقوم بالكشف عن المخالفات والتجاوزات التي ارتكبت خلال الفترة السابقة ولاسيما بمواضيع تتعلق بالمواد منتهية الصلاحية، وعلى وجه التحديد في صفقة مادة الشاي والتي بقي منها أكثر من 2000 طن، إضافة إلى التحقق من مادة البطاطا ومواد المنظفات وإلى غير ذلك من مواد منتهية الصلاحية.
مشهد مؤلم
وأمام هذه المشهد المؤلم لم يكن بمقدور المدير العام الحالي للمؤسسة أحمد نجم الذي لم يمضِ على تكليفه أكثر من ستة أشهر سوى التأكيد على ضرورة عودة هذه المؤسسة إلى مسارها الصحيح من خلال خطط مدروسة قابلة للتنفيذ، مبيناً أن المؤسسة لم تنجز ميزانياتها السنوية نتيجة خروج 546 منفذ بيع عن الخدمة من أصل 1596 منفذاً، وحرق ونهب العديد من المستودعات التابعة للمؤسسة، وأضاف نجم لـ”البعث” أنه يتم العمل مالياً وفق القيد الافتتاحي الذي يتضمن جميع المؤشرات الرقمية من مبيعات وإيرادات ونفقات، كاشفاً عن وجود بعثة تفتيشية تحقق في موضوع المواد والسلع المنتهية الصلاحية، واعداً أن تنطلق المؤسسة في تحقيق أهدافها خلال فترة قصيرة لاسيما في ظل الدعم الحكومي المقدم للمؤسسة.
عقبات الديون
ولم يخفِ نجم العقبات التي تواجهها المؤسسة والمتمثلة في الديون المترتبة عليها ما قبل مرسوم الدمج، وهي قروض صندوق الدين العام والبالغة 932.8 مليون ليرة، إلى جانب قرض الخط الائتماني الإيراني 8.7 مليارات ليرة، وقرض 300 طن من السكر مباعة كمادة مقننة للمؤسسة العامة الاستهلاكية سابقاً بقيمة 3 مليارات ليرة، إضافة إلى قرض 200 طن من السكر “المؤسسة العامة للخزن والتسويق 10 مليارات ليرة”، وقرض 232 مليون ليرة لمؤسسة سندس سابقاً لشراء مواد مختلفة، حيث تمت جدولة القرض، وقرض آخر بقيمة 2.5 مليار ليرة للمصرف العقاري وهو للمؤسسة العامة للخزن والتسويق لشراء مادة السكر ومواد مختلفة، فضلاً عن وجود سلف لوزارة المالية لمؤسسة الخزن والتسويق 2.1 مليار ليرة لم تسدد، كما وصلت قيمة المواد منتهية الصلاحية إلى 200 مليون ليرة.
خطط طموحة
وعن الخطة المستقبلية لتحويل المؤسسة إلى ذراع حقيقية للدولة للتدخل الإيجابي أشار نجم إلى أن المؤسسة تعمل على استثمار الموارد البشرية والمادية المتاحة لها لتحويلها إلى ذراع حقيقية للتدخل الإيجابي، وتتطلع إلى أتمتة أعمال المبيعات والمشتريات والمستودعات ومنافذ البيع، وربطها شبكياً مع الإدارة العامة؛ مما يسهل اتخاذ القرار ومعرفة الرصيد بشكل آني، والوقوف على الحالة الفعلية الآنية للمبيعات، إلى جانب التوسع الأفقي لصالات البيع بحيث تخدم أكبر عدد من المواطنين في كافة المحافظات، مع زيادة عدد السيارات الجوالة لتلبية حاجات المواطنين في المناطق التي لا يوجد فيها صالات بيع، وزيادة عدد المسالخ لتشمل كافة المحافظات، وحصر الإشراف على عمليات تجهيز اللحوم بالمسالخ العائدة للمؤسسة، وتأمين أماكن إنشاء المسالخ الحديثة في كافة المحافظات وذلك كون المؤسسة تمتلك كافة الإمكانات والخبرات للإشراف الطبي والصحي على عمليات تجهيز اللحوم، وإنتاج المواد الغذائية بكافة أنواعها في الوحدة السورية للتصنيع “عشتار” التي تستثمرها المؤسسة حالياً. كما تعمل المؤسسة وضمن الخطة المستقبلية على فتح أسواق تصديرية لمنتجاتها والمحاصيل الزراعية، واعتماد الوكلاء للمؤسسة في الأسواق الخارجية، مع تأمين حاجة الأسواق الداخلية من المواد من خلال الاستيراد المباشر للمواد الأساسية، وذلك بتفعيل آلية الاستيراد والتصدير لمنتجات المؤسسة عن طريقها مباشرة، وتخصيصها بالقطع الأجنبي، وتسهيل الإجراءات اللازمة للاستيراد المباشر.
حل التشابكات
وأوضح نجم أنه يجب حل التشابكات المالية لاسيما قروض المؤسسة تجاه المصارف العامة، وإعفاء المؤسسة من فوائد القروض، ووضع آلية تمكن المؤسسة من إجراء عملية التقاص ما بينها والمصارف، وإجراء جدولة للقروض، مشيراً إلى ضرورة منح المؤسسة الموافقات اللازمة لتجديد أسطول السيارات التابع للمؤسسة وخاصة السيارات الشاحنة كي تتمكن المؤسسة من القيام بالدور المناط بها، وذلك عن طريق بيع السيارات المنسقة والاستفادة من ثمنها بشراء سيارات جديدة، وحصر بيع منتجات القطاع العام بالمؤسسة، ومنح الموافقة للمؤسسة بالاستعانة بشركات محاسبة من أجل إنجاز الميزانيات الخاصة بالمؤسسات الثلاث قبل الدمج.
وفي السياق ذاته أكد نجم أن دور المؤسسة في عملية التدخل الإيجابي يكمن من خلال توحيد أسعار بعض المنتجات الأساسية للمواطن، وتخفيض أسعار بعض المنتجات الأساسية، وإقامة المعارض المتخصصة، وتأمين احتياجات العاملين في القطاع العام من خلال تقسيط المواد والسلع المعمرة، وتأمين نقل السلع والمنتجات بين الفروع ولكافة المحافظات، وتأمين منافذ البيع بتوزيع يلائم الكثافة السكانية وحجم الطلب وبشكل متوازن مع بقية المناطق، واستيراد بعض المواد من الأسواق الخارجية وخاصة المواد الأساسية والضرورية لاحتياجات خدمة تأمين التدفق المنتظم لبعض المواد المخزنة في مستودعاتها، والسلخ والتوضيب للحوم والتغليف، وعرض وتسويق منتجات القطاع العام الصناعي الغذائي وغير الغذائي، وتأمين احتياجات القطاع العام من مختلف المواد وخاصة وزارة الدفاع والصحة والتربية.
تدخل إيجابي
وعن الدور الإيجابي للمؤسسة خلال السنوات الماضية أشار نجم إلى أن المؤسسة نجحت إلى حد كبير في تسويق الحمضيات من خلال التسوق المباشر من الفلاحين والنقل إلى مراكز الفرز والتوضيب والتوزيع، الأمر الذي ساهم في مضاعفة أسعار المادة بالنسبة للمزارعين بشكل مباشر، ومضاعفة الكميات المسوقة، وكسر حلقات الوساطة بين المزارعين والمستهلك، وصرف الاستحقاق مباشرة للمزارعين بموجب شيكات مصرفية، علماً أن كافة عمليات الفرز والتوضيب والنقل تمت بآليات المؤسسة، حيث بلغت كمية التفاح المسوق خلال العام الفائت أكثر من 5800 طن بما فيه التفاح المصاب.
سباقة
وبين التقرير الصادر عن المؤسسة بأنها كانت السباقة في دخولها للمناطق المحررة في كافة المحافظات السورية بهدف تخديم المواطنين، حيث قامت بتأمين المواد الغذائية للمناطق المحررة، وتم افتتاح 4 صالات في ريف دمشق، و9 صالات في حلب، و10 صالات في دير الزور، كما أن المؤسسة عملت وبالتنسيق مع بقية الجهات على تقديم احتياجات إدارة التعينات وإبرام العديد من العقود معها، كما ساهمت المؤسسة من خلال اللجان المشكلة بالمحافظات لتسويق للحمضيات بالمشاركة مع وزارة الزراعة والاتحاد العام للفلاحين في تسجيل وتأمين تصريف المواسم من المنتجات الزراعية والحمضيات والبطاطا، وعملت المؤسسة على طرح كافة منتجات معامل ومؤسسات وشركات القطاع العام الصناعي في منافذ البيع التابعة لها، وتم إبرام أكثر من اتفاقية مع المؤسسات الصناعية والغذائية والتحويلية والمنظفات والصناعات الإلكترونية والنسيجية ومعامل السكر والمعدنية لتسويق الإنتاج المتوفر لدى معامل القطاع الصناعي في منافذ المؤسسة، وتذليل الصعوبات من الناحية التسويقية وخاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى القطاع العام الصناعي مقارنة بالسوق المحلية؛ مما ينتج عنه ارتفاع بأسعار توريد المواد للمؤسسة وخاصة المواد الغذائية.
Mohamdzkrea11@yahoo.com