عشرات القتلى في غارة استهدفت مركزاً للاجئين في طرابلس
قتل حوالي 44 مهاجراً، وأصيب أكثر من 130 آخرين بجروح في غارة جوية استهدفت مركزاً لاحتجازهم في تاجوراء، الضاحية الشرقية لطرابلس، وقال المتحدّث باسم طواقم الإسعاف: إن “هذه حصيلة أولية، والعدّد مرشّح للارتفاع”، مشيراً إلى أنّ 120 مهاجراً كانوا داخل العنبر الذي أصيب إصابة مباشرة في الغارة، فيما قال مسؤول طبي: إن ضربة جوية أصابت مركز احتجاز لمهاجرين غير شرعيين، معظمهم أفارقة.
وتحدّث شهود عيان عن جثث ممدّدة على أرض العنبر وبجانبها أشلاء بشرية اختلطت بمتاع وملابس مضرّجة بالدماء، وأضافوا: إن طواقم الإنقاذ كانت لا تزال تبحث تحت الأنقاض عن ناجين محتملين، في حين كان سيارات الإسعاف تنقل الجرحى والقتلى.
وتكتظ مراكز إيواء المهاجرين في ليبيا بعشرات الآلاف ممّن تمّ اعتراضهم أو إنقاذهم في البحر، ويعيش هؤلاء في ظروف غير إنسانية، وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مراراً عن قلقها على مصير نحو 3500 من المهاجرين واللاجئين “المعرّضين للخطر” لوجودهم في مراكز إيواء قرب مناطق المعارك المستمرة جنوب طرابلس.
ورغم استمرار الفوضى، لا تزال ليبيا دولة عبور رئيسية للفارين من النزاعات وعدم الاستقرار من مناطق أخرى في إفريقيا.
وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تغريدة على حسابها في موقع تويتر، عن “قلقها العميق” إزاء المعلومات الواردة عن استهداف مركز تاجوراء بغارات جوية و”مقتل لاجئين ومهاجرين”.
وتبادل الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الاتهامات بالتورّط في الهجوم، واتهم ما يسمى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر “بارتكاب جرائم ضد الإنسانية”، وقال بيان للمجلس: “إن القصف لم يكن عشوائياً، بل كان باستهداف مباشر ودقيق”، حسب تعبيره، مطالباً المجتمع الدولي بإرسال لجنة تقصي الحقائق لمعاينة الموقع المستهدف.
في المقابل، نفى الجيش الليبي بقيادة حفتر استهداف المركز، قائلاً: إن “فصائل متحالفة مع قوات الوفاق قصفت المركز بعد أن نفّذ الجيش الوطني ضربة جوية دقيقة أصابت معسكراً”.
ودان الاتحاد الإفريقي “بشدة” الغارة، وطالب بمحاسبة المسؤولين عن “هذه الجريمة الرهيبة”، ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي محمد، إلى “تحقيق مستقل لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الرهيبة بحق مدنيين أبرياء”.
واعتبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، أن ما حصل “يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب، إذ طال على حين غرة أبرياء آمنين شاءت ظروفهم القاسية أن يتواجدوا في ذلك المأوى”، داعياً المجتمع الدولي “لإدانة هذه الجريمة، وإلى تطبيق العقوبات الملائمة على من نفّذ هذه العملية بما يناقض، وبشكل صارخ، القانون الإنساني الدولي”، ورأى أيضاً أن “عبثية هذه الحرب الدائرة اليوم وصلت بهذه المقتلة الدموية الجائرة إلى أبشع صورها وأكثر نتائجها مأسوية”.
ودان الاتحاد الأوروبي “الهجوم المروّع”، حيث أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان “ينضم الاتحاد الأوروبي إلى الدعوة الموجّهة للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق فوري حول مرتكبي هذا الهجوم المروّع”، وأضافت: “يذكّرنا الهجوم الصادم والمأسوي على مركز احتجاز في طرابلس بالثمن الإنساني للنزاع في ليبيا، كما بالوضع الكارثي والهش للمهاجرين المرتهنين لدوامة العنف في البلاد”.
وشدّدت موغيريني، الوزيرة الإيطالية السابقة، على أن: “العنف ضد المدنيين، وضمنهم المهاجرون واللاجئون، غير مقبول على الإطلاق وندينه بأقصى العبارات”، مذكّرة بأن الاتحاد الأوروبي حاول إجلاء المهاجرين واللاجئين من مراكز الاحتجاز القريبة من جبهات القتال”، مضيفة: إن “هذه الجهود يجب تتواصل وتتكثّف بشكل طارئ”، وتابعت: “كثر موجودون تحت الخطر، ويجب نقلهم سريعاً إلى أماكن آمنة حتى يحصلوا على المساعدة ويتم إجلاؤهم”، مؤكدة أن الهجوم “يبرهن مرة أخرى ضرورة وقف إطلاق النار” في ليبيا.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية: “إثر هذه المأساة، تدعو فرنسا مجدّداً الأطراف إلى وقف التصعيد فوراً ووقف المعارك”، وأفادت الناطقة باسم الخارجية، انييس فون دير مول، أن فرنسا تطالب “بالعودة السريعة إلى العملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة”، وتابعت: “نذكّر كل الأطراف والمؤسسات الليبية بأن لديها التزام حماية السكان والبنى التحتية المدنية باسم القانون الدولي الإنساني”.
ويواصل الجيش الليبي منذ الرابع من نيسان هجومه الرامي للسيطرة على طرابلس وتحريرها من الميليشيات والجماعات الإرهابية، والمدعومة من النظام التركي، وتسبّبت المعارك منذ اندلاعها بسقوط 739 قتيلاً وإصابة أكثر من 4 آلاف بجروح، فيما وصل عدد النازحين إلى 94 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.