قوة العقار..!
لا يزال الاستثمار في العقار هو الملاذ الآمن في ثقافة الاستثمار السورية، ولاسيما عند ذوي رؤوس الأموال الصغيرة الذين برأي كثير من المراقبين أكثر حرصاً من نظرائهم ذوي رؤوس الأموال الضخمة على تنمية أموالهم، معتبرين أنها الخميرة المستقبلية للعيش الرغيد.
لعل ما يؤكد ترسيخ هذه القاعدة – إن صح التعبير- هو التوجه اللافت لشريحة كبيرة من المواطنين للتعاطي مع قطاع العقارات عبر شراء بيوت وشقق سكنية وأراضٍ، بقصد المحافظة على قيمة ما بقي من مدخرات، إثر التذبذب الحاصل بسعر الصرف..!
لاشك أن الأزمات مهما كان نوعها تؤثر على كافة مفاصل الحياة، والاقتصاد ليس بمنأى عنها، ولعله الأكثر تأثراً بها، لكن علينا بنفس الوقت أن نتحرى جيداً عن مدى ارتداد هذه الأزمات قبل اتخاذنا أي ردة فعل تجاهها.
للأسف ومع غياب توصيف واضح وشفاف ومنطقي من قبل الجهات المعنية لمدى تصدع أو تأثر الاقتصاد الوطني نجد أن ردات فعل المواطنين كانت عفوية – إن لم نقل اعتباطية – تجاه قيمة العملة، من خلال تجميد مدخراتهم وأموالهم وتوجيهها نحو شراء الذهب والعملات حيناً، أو العقارات حيناً آخر خشية هبوط قيمة الليرة أو اختلال وضعها.
لعل أخطر ما نلمسه في المشهد هو تزعزع الثقة بالليرة السورية التي يؤكد ذوو الاختصاص قوتها، ومن الصعوبة انهيارها، إلا أن هذا الأمر غائب عن ثقافة الشارع السوري الذي أثبت أكثر من مرة ثقته الكبيرة بقطاع العقارات المتصاعد بتضخمه لحدود باتت غير معقولة، وخابت توقعات كل المراقبين المؤكدة هبوط السوق العقارية في سورية نتيجة الأزمة، لنفاجأ بمحافظة الأخيرة على قوتها..!
ألا يجدر باقتصاديينا -وخاصة الرسميين منهم- التحدث بكل شفافية عن وضع اقتصادنا الوطني في ظل هذه الأزمة، علّ ذلك يبعث الطمأنينة في نفوس من يتخبط بمدخراته بين الذهب والدولار والعقار، وتفادياً للوقوع بمطب الخلل في توزيع رأس المال الوطني بين القطاعات الاقتصادية؟
وهنا تبرز أهمية تشجيع ودفع عجلة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي من شأنها توظيف المدخرات ورؤوس الأموال الصغيرة ضمن قنوات استثمارية عدة أكثر جدوى لكل المستويات الاقتصادية والاجتماعية، لتسير جنباً إلى جنب في خدمة الاقتصاد الوطني ككل دون التركيز على ركن منه على حساب بقية الأركان.
hasanla@yahoo.com