“إنفاق”… غير محمود العواقب!
لعل من أهم أدوات الدعم التي دائماً ما يلح القطاع الخاص عليها، هو زيادة الإنفاق الحكومي، وتحديداً “الإنفاق الرأسمالي”، الذي يصب في نهاية المطاف في خزائن هذا القطاع، وهو بالتأكيد أحد أهم مصادر النمو والأرباح بالنسبة للقطاع الخاص، ونقصد الخاص “الوازن” لا الصغير أو المتوسط..!
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الخصوص هو: ما هي نسبة الإنفاق الرأسمالي الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي..؟ وحبذا لو تقدم لنا وزارة المالية – إن كان لديها- نسباً وأرقاماً لما كان من إنفاق لسنة ما قبل الأزمة، وللسنة الماضية 2018 أو للنصف الأول من العام الحالي، بهدف المقارنة، وغير ذلك مما نود طرحه بناء على ما سنقدمه.
أما السؤال المتلازم مالياً للسابق فهو: ما هو معدل النمو الحقيقي للقطاع الخاص في العامين المذكورين أعلاه، سنوياً أو نصف سنوي أو ربعياً..؟
ولمن يهتم بما نستوضح حوله بسؤالينا، نبين أننا نريد الربط بين معدلات الإنفاق الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي، وبين معدلات النمو الحقيقي للقطاع الخاص، ومدى انعكاس الأول على الثاني، وكم الاستفادة والثراء المالي للخاص على حساب العام من الإنفاق الرأسمالي للأخير.
نريد أن نعلم، لأنه إذا كان هناك استمرار للإنفاق الرأسمالي الحكومي، وبالشكل والمضمون الذي يؤدي إلى زيادة غير صحيحة ومقبولة في أرباح وثراء الخاص، وبالتالي زيادة “غير مشروعة” في معدلات نمو الخاص، فنحن أمام طامة مالية “إنفاقية” كبرى، تتحملها خزينتنا وموازنتنا العامة، ناهيكم عن تشوهات هيكلية اقتصادية..!؟
طامة.. وخاصة في ظل الأوضاع المالية والاقتصادية الراهنة، التي يرافقها ويؤزمها أكثر ارتفاع الاحتياجات التنموية الأخرى اللازمة الإنفاق، في الوقت الذي تقتضي فيه الضرورة المحافظة على تحقيق التوازن المالي، وتأمين متطلبات المشروع الوطني الشامل للإصلاح الاقتصادي والإداري، ولاسيما لناحية زيادة اعتماده على الإنتاج والإنتاجية وتنوع قاعدته المحلية، وغير ذلك من الأهداف ذات الأولوية والطموحة.
نشدد على ما تقدم في ظل ميزان اللاعدالة ما بين معدلات الإنفاق الرأسمالي الحكومي ومعدلات النمو للخاص، الذي تميله كفته سابقاً وحالياً لصالح الأخير على حساب الأول..!؟
ميزان.. إن لم نحسن إدارته، سينتهي بنا إلى نتائج غير محمودة العواقب.. ولتنتهي إليه ميزانيتنا العامة إلى استنزاف كامل احتياطياتها، وعجزها عن تعويض التدفقات الداخلة عليها من أي مصدر آخر.. وخاصة في ظل المطالبات الأخرى للقطاع الخاص بضرورة خفض الالتزامات المالية على كاهله..!
إذاً نحن مطالبون بتحفيز الاقتصاد الوطني عموماً، والخاص خصوصاً، كونه الجزء الأكثر إنتاجية مقارنة ببقية قطاعات الاقتصاد، لكن إلى الحد الذي لا نتجاوز عنده الإخلال ببقية الأهداف والبرامج والإصلاحات، ودون التسبب في ديمومة ما نستهدف جميعاً الخلاص منه، من ريعي ومن ديمومة التشوهات الهيكلية كالاحتكار أو المضاربة.. إلخ من الموبقات الاقتصادية والمالية والاستثمارية.. غير المحمودة العواقب.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com