ريم طراف.. وعي تشكيلي آخر
افتتح مساء أمس معرض الفنانة ريم طراف قدمت فيه تجربة جديدة مختلفة بمضمونها عن ما يعرض حاليا في صالات العرض من أعمال تشكيلية تقليدية لا يتجاوز بعضها رسم الصورة في الحد الأدنى!. إلا أن ما تقدمه الفنانة مختلف جدا من حيث الفهم والمعالجة التقنية، إذ تقدم نصا تجريديا مكثفا ومختزلا لآلاف الصور في عالم من التوقعات الغرافيكية التي تحدثها التفاعلات مع مشهد من حلم أحمر على السطح الذي حاورته الفنانة بخبرتها كمصورة وكباحثة عن مكتشفات بصرية جديدة تذهب معها إلى توقعات أخرى تسكن فيها قلقلها الباحث عن سكينة الفنان مختتمة جملتها البصرية ومستنفذة لإمكانية السطح التصويري بذكاء العارف للتحولات المادية والنفسية للأصبغة حين يرافقها واقع مغاير مجاور أشبه بالرماد الملون الذي يتخذ من حضوره الرمزي تلميحا لأمكنة أو أجساد لا تنقصها الوحشة. لون أحمر من درجة عالية يفرش مساحة اللوحة الكبيرة، يستفز السكينة ويحرج أسئلة العاطفة عن هذا الفزع المستنفر في خفاء الراكد والمتفق عليه.. هذا القلق الذي لا يغادر الخفي من يوميات الناس والأمكنة متفاوت في درجة التلقي والتأثير تبعا لحساسية الفنان المشغول برمي النهايات بعيدا إلى مستقبلها المبهم.. هنا منطقة الوعي والحرفية المولّدة للأسئلة وتعميق الغموض ربما تكمن في هذا الممر الضيق أسرار الفنون جميعها، ومن هنا تتولد شرارة صغيرة كافية لتمزيق ظلمة هذا العالم وإن كانت قصيرة وبارقة إلا أنها جارحة ومبدعة في آن.
يعتبر معرض ريم طراف من المعارض النوعية القادرة على خلق أفكار جديدة ستؤثر في القادم التشكيلي من المشهد الثقافي والفني السوري بما يحمل من معاصرة ودراية قادرة على إنجاز خطوات أعمق وأوسع وأكثر تأثيرا من حيث القيمة الفنية.
أكسم طلاع