العمال البريطاني يؤيد استفتاء ثانياً للخروج من مأزق بريكست
تحدّى زعيم حزب العمال البريطاني المعارض الرئيسي، أمس، رئيس الوزراء المحافظ المقبل بتنظيم استفتاء جديد حول بريكست، مؤكداً أنه سيسعى من جهته للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وقال جيريمي كوربن في رسالة إلى أعضاء حزب العمال: “أياً كان رئيس الوزراء الجديد يجب أن تكون لديه الشجاعة لطرح الاتفاق أو عدمه (حول بريكست) في استفتاء شعبي”، وأضاف: “في هذه الظروف يمكنني أن أؤكد بوضوح أن حزب العمال سيطلق حملة للبقاء في الاتحاد الأوروبي في مواجهة خروج بلا اتفاق أو اتفاق محافظ لا يحمي الاقتصاد والوظائف”.
وأوضح كوربن أن حزبه حاول اقتراح تسوية تقوم على إبقاء البلاد في وحدة جمركية وثيقة توازي سياسة جمركية وتجارية مشتركة و”علاقة متينة داخل السوق الواحدة” لكن رئيسة الوزراء تيريزا ماي رفضت.
ولطالما أكدت ماي أنها تريد الخروج من الوحدة الجمركية والسوق الواحدة للسماح لبلادها بإبرام اتفاقات تجارية بحرية مع دول أخرى والحد من الهجرة الأوروبية.
وبعد أن رفض النواب ثلاث مرات الاتفاق الذي أبرمته مع بروكسل في تشرين الثاني 2018 حاولت التعاون مع العماليين في منتصف نيسان الماضي. وبعد شهر علق العماليون المباحثات وبسبب المأزق حول بريكست أرغمت على الاستقالة بعد ثلاثة أسابيع.
وهناك مرشحان لخلافتها على رأس الحزب المحافظ والحكومة هما وزيرا الخارجية السابق بوريس جونسون والحالي جيريمي هانت. وسيختار بينهما أعضاء حزب المحافظين الـ160 ألفاً وستعرف نتيجة التصويت في 23 تموز.
وجونسون الذي يعتبر الأوفر حظاً يؤيد الموقف المتشدد حيال بروكسل ولا يستبعد الخروج من الاتحاد دون اتفاق.
وفي رسالته أمس رأى كوربن أن “أي نتيجة حول بريكست” لن تسمح بـ”إنقاذ الوظائف وحقوق البريطانيين ومستوى معيشتهم”. ودعا مجدداً إلى تنظيم انتخابات تشريعية لإنهاء “تسع سنوات من التقشف أدت إلى زيادة الفقر وعدم المساواة” في البلاد.
وسواء كان يكذب أو يزرع الشقاق أو يفتقد للكفاءة، يبقى بوريس جونسون المرشّح الأوفر حظاً لخلافة تيريزا ماي في رئاسة الحكومة البريطانية مستفيداً في هذا السباق على السلطة من سلاح هو الأبرز، ألا وهو بريكست.
وقد أدى الرئيس السابق لبلدية لندن دوراً أساسياً في الحملة المؤيدة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي أجري في حزيران 2016، وهذا ما يمنحه اليوم مصداقية لدى نشطاء حزب المحافظين بأنه سينفّذ وعده بتحقيق بريكست بعد فشل ماي في هذا الملف.
في المقابل، لا يزال منافسه وزير الخارجية جيريمي هانت يعاني من تبعات تغيير موقفه من معارض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى مؤيد له، فقد أيد بادئ الأمر بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي في الحملة التي سبقت الاستفتاء، لكنه عاد وغيّر رأيه أواخر العام 2017 بعد ما اعتبره “غطرسة” بروكسل في المفاوضات.
ويقول آندرو غيمسون كاتب السيرة الذاتية لجونسون: إن لدى وزير الخارجية السابق “مناصرين في مناطق بعيدة جداً عن لندن حيث الناس مستاؤون لعدم تحقق بريكست الذي صوّتوا لمصلحته” والذي كان من المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ في 29 آذار.
ويعتبر بريكست الملف الأبرز الذي يشغل المحافظين، فقد أظهر استطلاع أجراه مركز يوغوف أن 54 بالمئة من أعضاء الحزب مستعدون للتضحية بحزبهم من أجل تحقيق بريكست، كما لا يمانع 61 بالمئة تكبد الاقتصاد البريطاني أضراراً بالغة في سبيل خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
كما أظهر استطلاع أجري الأسبوع الماضي أن 90 بالمئة من أعضاء حزب المحافظين يعتقدون أن جونسون سينفّذ تعهدّه بالخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق إن لم يتمكن من إعادة التفاوض حول خطة الخروج التي أبرمتها ماي، مقابل 27 بالمئة لهانت.
وأكد أنتوني ويلز مدير الأبحاث السياسية في معهد يوغوف أن “بوريس يعد المؤيد الحقيقي لبريكست القادر على إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق”.
وكان بوريس جونسون البالغ من العمر 55 عاماً قد طرح نفسه مرشّحاً لرئاسة الحكومة قبل أن تعلن تيريزا ماي استقالتها في 24 أيار ومنذ ذلك الوقت يترصّد المراقبون الزلة التي يمكن أن تحول دون وصوله إلى السلطة. إلا أن جونسون حد من إطلالاته الإعلامية مما عرّضه لاتهامات بأنه يحاول التهرّب من مناقشة استراتيجيته بالنسبة لبريكست التي يعتبرها نقاده شديدة الغموض. كذلك تحاشى جونسون الرد على تساؤلات حول خلاف بينه وبين شريكته وقع في حزيران ووصف بأنه “مشاجرة” دفعت بجيرانهما إلى استدعاء الشرطة، لكن مناصريه سرعان ما سامحوا الرئيس السابق لبلدية لندن على هذه الفضيحة.